من المفارقات الغريبة أن يتناسب التعليم فينا مع عملتنا الوطنية يغزر بقوتها وينضب بضعفها فقد كانت شهادة الابتدائية في مدارسنا صرحا علميا لا يناله إلا من له صبر وعزم على تحصيل العلم ولا يضاهيه في المحسوسات حينئذ سوى عشرة آلاف أوقية فقد كانت مالا ضخما يدل على ترف صاحبها وثراء ثروته.
لقد انحدر التعليم فينا إلى أسفل الدركات و أرتفع التضخم في عملتنا إلى أعلى الدرجات وهل مليون أوقية اليوم تغني من جوع؟ ومن أسباب ذلك في التعليم خاصة:ترجيح الكم على الكيف وغياب مبدأ المكافئة والعقوبة ووجود قانون التجاوز التلقائي من السنة الأولى إلى السنة الرابعة الابتدائية الذي كان معمولا به ، وضعف الوازع الأخلاقي لدى المربي في الرقابة
ونذكر هنا بحالتين لا نوردهما على وجه الحصر وإنما على وجه التمثيل، فهذا معلم في إحدى المؤسسات يتهم بحل المسابقة غشا ومتاجرة بمائتي أوقية لكل تلميذ ويتم توقيفه من طرف مخفر الشرطة وإخلاء سبيله وذلك أستاذ ضبط متلبسا بحل المسابقة من طرف رأس هرم الإدارة وأعوانه حين وشى به أحد رجال الأمن فقد كان يكتبها على السبورة ويشرحها كأنه يقدم درسا نموذجية وغاية العقوبة التي أنزلت به أنه حرم من بقية الرقابة مع أخذ المكافأة عليها .
أما في الضواحي فمعلوم عندهم أن من طاب نزله واشتهى أكله فقد اشترى ضمير مراقبيه وضمن خيانة أمانتهم ونجاح بنيه إلا من رحم ربك
فشهادة الابتدائية اليوم لا تساوي قيمة الورقة المكتوب عليها فهي غش في غش، تلميذ يغش على زميله والمعلم يعينه قولا وفعلا و الإدارة تتغاضى و المجتمع يحث على ذلك ويتواطأ وأموال الدولة تهدر لفبركة العملية ! وإن انخرمت القاعدة فشاذ ولا يقاس عليه فلم لا تلغى؟ ومن السنن أن يجوع النشئ ويكابد شغف الحياة ولا يفل ذلك من عوده وآماله ويخبو ذكره ويذبل غصنه حين يسقى بماء آسن يشوبه قذر الرشوة وكدر السياسة وإهمال مواعين العلم . أما آن لليل أن ينجلي وللصبح أن ينبلج والأمر بيد أولي الأمر فينا
فلا ينقصهم سوى الإرادة والعزم والدليل على ذلك من إجراء مسابقات عدة فكم كانت شفافة ؟! لأكتتاب بعض الموظفين من عهد المرأة الحديدية (نبغوه) إلى يومنا هذ وذلك على الأقل ما هو منها واقع في ولاية لعصابه فإلى متى نتواطأ على شهادة الزور !! ويصيبنا الوسن والخمول عن حفظ الشهادة فينا !!
غالي ولد الصغير [email protected]