في خطوة دخيلة على مجتمعنا شكلا ومضمونا تجاسر حرسي عديم الأخلاق على صفع شيخ مسن في مدينة "كرو" على مرآى ومسمع من الجميع؛ حيث بقي الشيخ يكابد آلامه لساعات دون أن يجد سلطة تواسيه أو تهتم به.
لقد صفع الشيخ وأهينت كرامته لا لشيئ سوى أنه مواطن ضعيف ليس لديه نافذ في الدولة أو وجيه سياسي يحظى باحترام الجميع ويخاف النظام صولته؛ صفع الشيخ لأنه مسكين جاء ليبحث عن لقمة عيشه وعيش أطفاله في زمن عمت فيه البلوى نتيجة الجفاف وسوء التسيير وهيمنة كبار الضباط على مقدرات البلاد والعباد..
إن هذه الواقعة الدخيلة على مجتمعنا المتسامح والمتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف لا يمكن السكوت عنها وتجاهلها؛ فتغيير المنكر واجب شرعا فمثلما أنكرنا محرقة أمهات الكتب الإسلامية علينا أيضا أن ننكر انتهاك الحديث الشريف فالرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن احتقار الكبار قائلا: ( من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا)/ إسناد حسن؛ وقال عليه الصلاة والسلام: ( لاتزال أمتي بخير مادام كبيرهم يرحم صغيرهم وصغيرهم يوقر كبيرهم) متفق عليه
ولايخفى على أحد أنه عندما صفعت الشرطية التونسية فاديه حمدي الشاب محمد البوعزيز اندلعت ثورة عارمة في تونس؛ بل في معظم أرجاء الوطن العربي وكانت تلك الحادثة هي شرارة الثورات العربية؛ في الوقت الذي نتجاهل نحن الشناقطة مهد المروءة والدين حادثة شنيعة مثل اقدام شاب على صفع شيخ مسن والحاق الضرر به.
فبدل أن يستقيل قائد الحرس الوطني من منصبه ويعاقب الحرسي الذي صفع الشيخ ليكون عبرة لغيره؛ بدلا من ذلك يتجاهل إعلامنا الرسمي الواقعة ويحتفى أصدقاء الحرسي به وكأن ما قام به بطولة وليس خزيا ومذلة..
إننا فعلا في زمن تغيرت فيه المفاهيم؛ وانقلبت فيه الموازين؛ وراج فيه سوق المنكرات؛ وعمت فيه الشبهات والشهوات...
زمن أصبح التمسك بالدين فيه تخلفا ورجعية؛ والمحافظة على القيم والمبادئ انحطاطًا وانهزامية...
إنه زمن حكم العسكر والانقلاب على المفاهيم والقيم النبيلة!!
بقلم: عزيز ولد الصوفي
كاتب وصحفي موريتاني