أثار تعيين أعضاء المجلس الأعلى للفتوى والمظالم من جديد القضية المزعجة المتعلقة بتمثيل الفئات المختلفة فى وظائف الدولة، لقد ارتفعت الأسبوع الماضي، أصوات منتقدة استبعاد تمثيل الحراطين فى المجلس الأعلى للفتوى.
ويرى بعض من انتقد هذا الإقصاء أن قضية بيرام وما أثارته من جدل هي سبب إخراج المجلس المذكور بمثل هذه التشكيلة. والرسالة تبدو واضحة لمنتقدى هذه التشكيلة المعلنة: إن الحراطين، رغم كون مئات الأئمة وعشرات العلماء ينحدرون منهم، لا بد أن يبقوا تحت حكم السادة. وفى هذا المنحى فلا حاجة لوجودهم ولا لآرائهم فى تفسير النصوص الشرعية. وحسب شهود من النظام فإن وجودهم فى الهيئة الغاية فى الأهمية سيدنسها. الزنوج أيضا تم تمثيلهم بعالم واحد فقط، من مئات العلماء الموجودين منهم.
وعلى غرار كل هؤلاء الذين لم يولدوا فى وسط علمي، فمن الواجب على الزنوج والحراطين أن يخضعوا لديكتاتورية العلماء التقليديين، الذين هم غالبا محافظون وظلاميون ورافضون للحداثة. وهم من شرع ظلم العبيد، وحموا كل الممارسات غير المشروعات من أجل الوقوف فى جانب السلطان ضد المظلومين الذين هم غالبا أعداء تفرض عليهم القراءات الجزئية وأحيان الموجهة لإرضاء رغبات عليا، وهو فى هذه الحال هو المكلف بتفسير الدين لنا واستقبال مظالمنا. وعليه فإننا أمام ’انتقائية كاملة’، تكررت من قبل عند الحوار مع السلفيين.
على كل حال فإن الأصوات بدأت ترتفع لإدانة محيط الرئيس لإرادته فرض الإقصاء على بعض مكونات بنية هذا البلد. كما أن هناك من ينتقد النظام الحالى ويتهمه بالعودة إلى سياسة الإقصاء الممنهج لهاتين الشريحتين لأن بعض المنتمين إليهما عارضوا بعض قراراته، ليسير على نهج كان قد سار عليه نظام ولد الطايع.
فنحن بعيدون جدا من المناداة بتمثيل منهجي لكل مكونات المجتمع الموريتانية، خصوصا فى الوظائف العليا، فالجيش والقضاء مثلا قد تم تطهيرهما. والأمثلة عديدة. ويكفى لذلك أن تدور على المكاتب العمومية. وكل من تابع تخليد الحرس الوطني لمئويته يدرك أن جميع الضباط فى جميع الأسلاك هم من منطقة واحدة وإثنية واحدة. فالإقصاء والحرمان من الترقية وعدم المبالاة بحقوق جميع المواطنين فى الولوج إلى الوظائف الانتخابية مما يشكل مخالفة فجة لمبادئ الجمهورية.
L’authentique N° 1602
ترجمة الصحراء