فشل اللقاء التشاوري التمهيدي للحوار الشامل فشلا ذريعا في إقناع حتى أؤلئك الذين أداروه ولا يريدون له أن يفشل، فشل كانت له جملة أسباب أبرزها أنه لم يعدو مجرد صدى صوت يصدر من حناجر المولاة ليرتد إليها.
حضرت بالفعل شخصيات وازنة لكنها أصرت أنها لا تمثل سوى محيطها الضيق ولا علاقة لحضورها بمناصبها الحزبية، ما يفقدها قيمتها السياسية، بينما تغيبت المعاهدة وإن كانت حضرت على استحياء لجلسة الافتتاح.
لم تحظى الأيام التشاورية بسخونة الجو الذي التأم فيه المدعوون لها، فلم تعدو مجرد مداخلات صب غالبيتها في إطار المشاكل الشخصية والمقاطعية الضيقة، وجاء البيان الختامي هلاميا باستثناء موقف الطرف الأقوى من الموالاة المحاورة لنفسها القاضي بتأجيل الحوار حتى بداية أكتوبر المقبل.
ختام اللقاء التشاوري حمل معه رسالة ضمنية إلى رئيس الجمهورية مفادها أن أي حوار شامل حقيقي يحتاج حوارين، أحدهما تعنى به الموالاة والآخر خارج عن إرادته تقع مسؤوليته على المنتدى. فالموالاة تحتاج إلى حوار يبلور موقفا موحدا بين أطراف الموالاة المتصارعة فيما بينها، حيث أن الجبهة التي يقودها رئيس الحزب الحاكم والوزير الأول يسعى -وإن بمكر ودهاء كبيرين- إلى إفشال أي حوار من شأنه أن يرفع أسهم الطرف المناوئ لهما من وجهة نظرهما، إضافة إلى خشيتهما من إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة موكلة بمتابعة الحوار.
الجبهة الأخرى كان لها دورها البارز في محاولة تأجيل اللقاء التمهيدي لحين استنفاد كافة الوسائل لإقناع المنتدى والمعاهدة بالمشاركة فيه، وكانت قاب قوسين أو أدنى من ذلك. أما المنتدى فيختلف في كل شيء إلا الدخول في حوار أحد المسؤولين عنه طرف مناوئ – في إشارة إلى رئيس حزب الإتحاد من أجل الجمهورية-.
داخل المنتدى يدور خلاف كبير بين مكوناته – انطلاقا من المصالح النفعية والاستراتيجيات السياسية لكل حزب على حدة-، فلكل حزب رؤيته الخاصة للدخول في الحوار، والكل ينتظر أن يرتفع الثمن مع مرور الوقت، هذا إن استثنينا حزب التكتل – أو على الأقل المقربين من رئيسه أحمد ولد داداه- . ختاما الموالاة تحتاج إلى حوار داخلي من شأنه بلورة رأي موحد حول الحوار، والمنتدى يحتاج إلى تماسك وتوحيد في الرؤية حول الحوار، وموريتانيا تحتاج إلى حوار جدي لا تديره الحكومة ولا يترأس أي طرف من أطرافه فعالياته، والجو مشحون بالتوقعات... والرأي العام المحلي والدولي ينظران وينتظران...