مداخلة الأستاذ : ممادو الطيب صو، في ندوة اللغة والهوية في موريتانيا
الثلاثاء
11 آب (أغسطس) 2015
14:19
- بسم الله الرحمن الرحيم
- وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى وصحبه وسلم تسليما .
- مداخلة الأستاذ : ممادو الطيب صو، في ندوة اللغة والهوية في موريتانيا
- أود في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل للمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإستراتيجية والشكر موصول للأخ الباحث د.محمد فال الحسن ولد أمين على الفرصة التي أتاحوها لنا للتباحث حول موضوع بمثل هذه الأهمية بالنسبة للرأي العام الوطني . ذالك أن مسألة الهوية هي مسألة جوهرية ومثار جل تاريخي بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية في هذا البلد ،ولذا لابد أن أحيي من جديد في الباحث روح الشجاعة والجرأة اللتين تناول بهما موضوعا بمثل هكذا حساسية .
- يا إخوة لن أخفيكم سرّا أن أول ما تبادر إلى ذهني حين عنوان الكتاب :"اللغة العربية والهوية في موريتانيا" هو أن مسألة الهوية في موريتانيا محسومة مسبقا بالنسبة للكاتب فهي عربية ونقطة نهاية ، المكون الزنجي أقلية .
- وحين نظرت إلى فهرس الكتاب ولاحظت هذا الاستعراض التاريخي لجميع الإصلاحات التربوية التي عرفها نظامنا التربوي توقعت على الأقل أن أجد دراسة ومقاربة أكاديمية لإشكالية الهوية من مدخلها التربوي والتعليمي . ولكن ما إن بدأت في تصفح الكتاب حتى تبين لي أن هذا الاستعراض هو لغاية الاستغلال السياسي فحسب . وليس أدلّ على ذالك من حديث المؤلف عن إصلاح 79 (ص 41) حيث يتحامل الزميل الدكتور على هذا الإصلاح محملا إياه وزره ووزر كل الإصلاحات التي سبقته وتلته ،دون أن يستند في ذالك إلى إحصاءات وأرقام . كما أن الزميل الباحث ينسى أو يتناسى الفكرة الجوهرية لهذا الإصلاح ألا وهي تجريب تدريس اللغات الوطنية لغاية دمجها في النظام التربوي الوطني . هذه اللغات الوطنية التي ـ بالمناسبة ـ يتجنب الزميل الدكتور في أغلب الاحيان تسميتها باللغات الوطنية مفضلا نعتها "باللغات الأفريقية". بل وفي بعض الأحيان يدعوها"اللهجات" (ص 97).
- استعدت الأمل مرة أخرى بقراءتي لعنوان المبحث الثالث للكتاب : "اللغة العربية والتعددية الثقافية في موريتانيا " لأنني اعتقدت أن جهد الباحث سيتجه نحو استقصاء المشترك الثقافي بين اللغة العربية وبين اللغات الوطنية الأخرى ، وكم كانت خيبتي كبيرة عندما وجدت الدكتور ينحو منحى آخر مركزا على التذكير بفترات الاضطراب والتوتر بين التيارات القومية من كلا الاتجاهين . ضاربا عرض الحائط بالتجارب الوحدوية لبعض الحركات الوطنية (الكادحين ، الإسلاميين فيما بعد ) .
- ملاحظتي الأخيرة تتعلق بالكيفية التي يطرح بها الزميل الكتور إشكالية الهوية الوطنية (مقابلة :عربية / فرنسية) . وهو لعمري طرح مزور لهذه الإشكالية التي ينبغي أن تطر ح في شكل : كيف يمكن أن نكون هوية تستفيد من ثراء لغاتنا وثقافاتنا الوطنية (عربية، بولار ، سوننكي ، وولوف ) ، و وفق طريقة عادلة ومنصفة بعيدا عن مفهوم المثاقفة ، هوية وطنية يجد فيها كل واحد منا نفسه ؟
- )Banndiraaɓe rennduɓe peccat(
- وأقول أن الطرح السابق مزور لأنني أعتقد جازما أن لا مصلحة لأيا كان من أبناء هذا البلد في الدفاع عن اللغة الفرنسية إذا وجد فرصا متساوية لتنمية وتطوير لغته وثقافته الأم . وهنا أفتح قوسا لأقول للجميع : أن المكون الزنجي و أنا واحد منه . مثله مثل المكون العربي فيه عروبيون يعشقون العربية و يقدسونها ، وفرنكفونيون معجبون باللغة الفرنسية ولكن أيضا قوميون مستميتون في الدفاع عن لغتهم وثقافتهم الأم .
- أخلص إلى القول : أن الهوية حسب تعريف لالند هي الوحدة المطلقة للكائن مع ذاته . فهي إذن ليست مسألة أقلية وأكثرية . ولا هي تفرض بقرار ، بل شعور وإلتزام فردي وجماعي ، ينبع بتلقائية عن رضى واقناع .
- وأخيرا إن سمح لي الزميل الدكتور أن مازحه أقول : أنه بدأ بحثه مناضلا قوميا عروبيا و لكنه لم ينتهي من ذالك البحث إلا وقد شدّ الجلد وصبغ الشعر فأصبح بفعل فاعل إسلاميا ملتزما .
- وشكرا مجددا.
اضف تعقيبا