تابعت خرجة الرئيس مسعود الأخيرة في برنامج "حوار" عبر التلفزة الوطنية... واسترسلت مع أطروحاته المختلفة واستمتعت بلغته الحافة والجافة... وفاجأني كثيرا أن الرجل رغم خبرته ومكانته وتجربته السياسية، وقع في خطأ . كان يمكن تفاديه... فعلى طول الحديث كان هو من يقيم نفسه، ويجزم بصدقية وأحقية ما يذهب إليه ويسفه كلما يذهب إليه الآخرون... كذلك كان يشهر صراحته دون مسوغ ودون مبرر...
وفي اعتقادي أن تقييم السياسي لنفسه ليس أمرا ذي بال ولا يقنع أحدا المهم هو تقييم الجماهير ونظرة الرأي العام وحكم التاريخ... ففي بورصة السياسة لا يحدد الإنسان قيمته، بل يحددها الآخرون وتحددها الظروف والسياقات... فلو تناسب حجم "الأنا" الطامحة لدى السياسيين مع الواقع لنصب السياسيون أنفسهم رؤ ساء وملوكا وأباطرة وقياصرة إلى آخر الألقاب ومدى الحياة.
شيء آخر لفت انتباهي هو تأكيد الرئيس مسعود في مقطع بأنه لا يباع ولا يشترى ولا يقايض مبادئه مقابل الفلوس وعودته في مقطع آخر ليؤكد إحدى الكرامات والكرامات جائزة اعتقادا وقياسا في حق الصالحين والأولياء، ولا أستكثر عليه أن يكون أحدهم فهو رجل مؤمن مناضل يجوز في حقه ما يجوز في حق غيره... ومن كراماته التي أعلنها على الهواء أن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو الذي يعرف قيمة الفلوس ولا يتهم عادة بتبذيرها، بل يجيد استثمارها ومرابحتها سأله مرة عن تكلفة حملته فأجابه بعفوية بأنها في حدود 20 مليون أوقية، فمنحها له بسخاء حاتمي "دون مقابل".
وتندر مسعود في مقطع لاحق بأنه يعتقد أنه لو كان قدر تكلفة الحملة بمبلغ أكبر لكان ولد بوعماتو أعطاه له...ولكنه قدرها مشكورا وفق تقديرات طاقم حزبه المتواضعة... ولا يشك أحد في أن الحصول على مبلغ بهذا الحجم ودون مقابل هي كرامة من كرامات الله يمنحها لعباده الصالحين المتشبثين بمبادئهم فالعطاء عطاء الله والمنع منعه.
في الأخير لا يسعني إلا أن أشيد بصراحة الرجل وشجاعته فهو الوحيد الذي يميط اللثام عن شيء مما كان لأن ما سيكون أمر آخر.
يعقوب ولد سلام/الرأي المستنير