انتخب الشعب الفرنسي أخيرا السيد فرانسوا هولاند ليكون سابع رئيس للجمهورية الخامسة وثاني رئيس اشتراكي لها,بعد سبعة عشرعاما من المعارضة وقد جاءانتخابه في ظرفية تشهد سقوط أنظمة عربية تحالفت طويلا مع الغرب على حساب شعوبها وحلول أخرى تسعى إلى بناء علاقات تضمن المصالح المشتركة. يسعى الرئيس هولاند إلى تحقيق برنامجه الإنتخابي ,و من الأولويات دون شك الجانب الأمني و السيادة الخارجية التي تحتل افريقيا مكانتها المعتبرة فيها خاصة لدى الاشتراكيين الذين يعتبرون أكثر انفتاحا و أقل تأثرا بفوبيا الأجانب التي يعاني منها اليمينيون .
ترتبط موريتانيا بعلاقات جيدة مع فرنسا قابلة للتطور, ويمكن استغلالها لتحقيق مصالح أكبر لموريتانيا خاصة إذا تم الإعتماد على أشخاص وطنيين ذوي معارف و خبرات تمكنهم من استغلال الظرفية ويَعون قيمة الموقع الهام لبلدهم ويحسون بأهميته الإستراتيجية مع وجود التنظيمات الإسلامية المسلحة بشمال مالي إضافة إلى الحركات المطالبة بانفصال إقليم ازواد ,وكذا قدرة الموريتانيين على التعايش مع الصحراء وعلاقاتهم بالطوارق الناجمة عن نزوحهم إلى موريتانيا في تسعينيات القرن الماضي .
هذه كلها عوامل تزيد قيمة البلد في المعادلة الأمنية للعالم ولأوروبا وفرنسا بشكل أخص مما يحتم على رئيس الجمهورية أن يكون سباقا في تهنئة وزيارة هولاند ودعوته إلى زيارة موريتانيا , وفي تلك الأثناء يطرح ما يريد من طلبات أمنية واقتصادية وسياسية , وفي مقدمتها طلب حصول موريتانيا على استفادة معتبرة من الميزانية الأوروبية والفرنسية المخصصتين للأمن ومحاربة الإرهاب والهجرة السرية والجريمة العابرة للحدود على أن تصرفه في التجهيزات الضرورية وتكوين الأطر والضباط والأفراد ,كما ينبغي أن تنال موريتانيا مكانتها الريادية في المنطقة ,فتبدأ التفاوض لتصبح شريكا أساسيا للإتحاد الأوروبي وهو المسار الذي نجحت فيه المغرب و خطت فيه تونس خطوات , في الوقت الذي تشكل موريتانيا البوابة الحقيقية والرئيسية التي يحاول المهاجرون الأفارقة العبور منها حالمين بحياة أفضل في أوروبا. ومن جهة أخرى يجب أن تكون حربنا على الإرهاب وخبرتنا ومعرفتنا للمنطقة عوامل تعزز علاقاتنا مع حلف شمال الأطلسي مع الحفاظ على السيادة في القرارحتى لا توصف حربنا ضد الإرهاب بحرب الوكالة .
إنه الوقت المثالي للتقدم بهذا الحوار والحصول على نتائج إيجابية ,ورغم الأزمة الإقتصادية فإن الجوانب الأمنية والدفاعية تبقى ذات أولوية , كما أن الرؤساء الجدد يسعون دائما إلى تحقيق نجاح سريع في ما عجز عنه أسلافهم .
إن العلاقات والسياسات الخارحية للدول , كما هو معلوم ,تبنى على المصالح والمصالح فقط . فهل يستغل الرئيس محمد ولد عبد العزيز الفرصة ويكون السباق للتعامل مع الرئيس الفرنسي الجديد ؟ أم أنه سيفوت بداية الوقت في البكاء على صديقه ساركوزي ؟ وأثناء ذلك تسبقنا الدول الطامحة رغم ما نملكه من عوامل جيوستراتيجية وظرفية تجعلنا الأهم.
الحسن ولد محمد الشيخ