ما هي آوداغوست؟
تؤكد الروايات التاريخية أنها ازدهرت في القرن 2هـ/8م، حيث كانت مركزا للقوافل التجارية القادمة من الشمال والمتجهة جنوبا وتلك القادمة من الشرق أو الغرب، ويصفها الرحالة ابن حوقل في كتابه "صورة الأرض" قائلا: "دخلتها سنة اربعين وثلاثمئة ، فلم أر بالمغرب أكثر مشايخ في حسن سمت وممازجة للعلم وأهله... ولقد رأيت بأودغُسْت صكا فيه ذكر حق لبعضهم على رجل من تجار اودغُسْت وهو من أهل سِجِلْماسة باثنين واربعين الف دينار."
ويتحدث المؤرخ أبوعبيد " البكري" في مؤلفه "المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب" عن ملكها قائلا "أن صاحب أوداغست كان في خمسينيات القرن الرابع الهجري ،وأخضع أكثر من عشرين ملكاً من ملوك السودان الذين ظلوا يدفعون له الجزية"، كما يصف أبو عبيد البكري أوداغست قائلا: "... وهي مدينة كبيرة آهلة ويطل عليها جبل كبير موت لا ينبت شيئا. بها جامع ومساجد كثيرة آهلة في جميعها المعلمون للقرآن. وحولها بساتين النخل، ويزرع فيها القمح بالفوس (الفؤوس) ويسقى بالدلاء يأكله ملوكهم ........ وسائر أهلها يأكلون الذرة، والمقاثي تجود عندهم. وبها شجيرات تين يسيرة ودوال يسيرة أيضا. وبها جنان حناء لها غلة كبيرة. وبها آبار غذبة. والبقر والغنم أكثر شيء عندهم... وعسلها أيضا كثير يأتيها من بلاد السودان. وهم ارباب نعم جزلة وأموال جليلة. وسوقها عامرة الدهر كله... وتبابعهم بالتبر وليست عندهم فضة... ويجلب اليها القمح والتمر والزبيب من بلاد الاسلام على بعد... وسكانها أهل افريقية وبرقجانة ونفّوسة ولواتة وزناتة ونفزاوة و... وبها نبذ من ساير الأمصار... والحيوان الذي يعمل منه الدرق حول اودغُسْت كثير جدا. ويتجهز إلى أودغُسْت بالنحاس المصنوع وبثياب مصبغة بالحمراء والزرقة ويجلب منها العنبر المخلوق الجيد لقرب البحر المحيط منهم، والذهب الابريز الخالص خيوطا مفتوله. وذهب أودغُسْت أجود من ذهب أهل الأرض واصحه."
وهكذا تؤكد المصادر التاريخية أن أكثر من سبعين من قبائل صنهاجة الملثمين هاجرت الى أوداغست ، إلا أنه لم يشتهر منها إلا ثلاثة قبائل هي لمتونة ، وكدالة ، و مسوفة، وهي القبائل التي تشكلت منها أجهزة " دولة المرابطين" ، التي اتخذت من أوداغست عاصمة مؤقتة،وقد تعاقب عليها ثلاثون ملكاً من لمتونة قبل أن يصل الأمرُ إلى القائد الشهير أبو بكر بن عامر ، ومن أشهر هؤلاء الملوك " تيلوكاكين "، وهو الذي عُرف بفتوحاته العديدة كما أشارت المصادر التاريخية ، وكذلك ابنه" تيلوتن".
آوداغوست اليوم هي ذلك الموقع الأثري الموحش الذي لم تفعل الدولة الموريتانية اتجاهه غير إقامة حظيرة من السياج رديئة الشكل عبثت بها الحيوانات فبعد الحفريات التي كان يقوم بها اثريون فرنسيون برئاسة سرج روبير في السبعينات والتي مكنت الأجانب من سرقة آلاف قطع الذهب والمجوهرات والتحف تبقى المدينة التاريخية مدفونة في الأرض يرعاها فقط سكان قرية النداش المجاورة وهم ذوو الوزير الأول السابق الزين ولد زيدان .
وكأن المدينة لم تكن عاصمة مزدهرة لواحدة من أكبر الاميراطوريات التاريخية الافريقية؛ ورغم قيام الحكومة بتنظيم مهرجانات في المدن التاريخية الأخرى فإن عاصمة غانا تبقى الإستثناء؛ ذلك ما يترجم عجز منتخبي و أطر مقاطعة تامشكط عن انتزاع نسخة من من هذه المهرجانات التي تهدى كما هو حال جميع مظاهر الحياة بالدولة طبقا للمحسوبية ومزاج المسؤولين عن سير الشؤون العامة.
أطلال مسجد بني بعد دخول الاسلام
يعتقد الأثريون أن العمود يستخدم في الشنق وهو داخل سكن الملك
عيون المياه توجد داخل البيوت كي لا يردمها العدو المهاجم