لم يتم اختيار مولاي ولد محمد الاغظف اصلا على كفاءته ولا على شعبيته فهو لا يتوفر على أي اسناد سياسي حزبي او تقليدي بل لأن "هيئته" قدمت بعض الخدمات من قبيل حفر بعض الآبار الارتوازية لشخصيات عسكرية نافذة من بينها محمد ولد عبد العزيز...
كان ذلك مفتاح العلاقة لكن العارفين يعيدون سر بقاء الرجل في منصبه رغم سوء ادائه لعوامل أخري فمحمد ولد عبد العزيز لا يبحث عن الكفاءات ولا تهمه الخبرة وتغضبه الافكار و يعتبرها مضيعة للوقت... هو قائد وحدة يعطي اوامر غير مبررة وينتظر تنفيذها من منطلق ان الرئيس دائما على صواب واوامره تنفذ دون نقاش... ومولاي ولد محمد الاغظف لا يزعجه ذلك فهو مطيع حتي الاندثار... كذلك يتحلي بصفة اخري مهمة وهي شخصيته المطاطية الاسفنجية التي يمكنها امتصاص شطحات وغضبات ولد عبد العزيز وتقلب مزاجه إذ يتلقي الوزير الاول المسكين يوميا سيلا من اللعنات والكلمات الجارحة والكدمات المعنوية فيمتصها بصمت هذا سر آخر من اسرار بقائه لكنه استطاع ان يوظف الفواصل بين غضبة واخري ليمرر ما يشاء، فإذا كان ولد عبد العزيز يحتقره ويسيره على هواه فهو ايضا عرف كيف يسير ولد عبد العزيز كيف يشحن كل القطاعات بأشخاص يخطب ودهم القبلي تارة وودهم السياسي طورا آخر واحيانا تكون العلاقة اكثر انحطاطا ومادية... وما بات جليا هو ان ولد عبد العزيز يحتفظ بمولاي وبغيره لا تقديرا لكفاءتهم ولا وفاءا لصحبتهم ولا سعيا لمصلحة وطنية بل لأنهم كائنات عبثية مطاطية منبطحة تعيش على القهر وانعدام اللياقة... فامتصاص الاهانات مهمتهم الوحيدة وهم منها لا يملون ولا يشبعون لذلك لم يعد التنافس قائما على هكذا وظائف في هكذا زمن مع هكذا رئيس!
يعقوب ولد سلام / الراي المستنير