كشفت فقرة من بيان مجلس الوزراء الصادر يوم أمس، عن أن وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية سيدي ولد التاه، قدم "بيانا يتعلق بمؤشرات الفقر وفقا لنتائج المسح الدائم حول الظروف المعيشية للأسر 2014". وأوضح البيان أن "هذا المسح الذي هو السادس من نوعه في بلدنا يقدم تقييما ملموسا للأثر الايجابي لسياسات الحكومة خلال السنوات الأخيرة، وتعبر المعطيات المحصول عليها عن تراجع ملموس لمؤشرات الفقر مقارنة بسنة 2008، وعلى العموم تترجم هذه المعطيات الحديثة عن تحسن الظروف المعيشية للسكان". ونظرا لأهمية الموضوع واختصار المعلومات الواردة عنه في بيان مجلس الوزراء، كان من المتوقع أن يظهر وزير الشؤون الاقتصادية في المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة لإعطاء توضيحات أكثر، تتجاوز العموميات المتفائلة المذكورة في البيان بخصوص "التراجع الملموس لمؤشرات الفقر" و "تحسن الظروف المعيشية للسكان"، غير أن الوزير لم يظهر في المؤتمر الصحفي تاركا ما أثاره بيانه من تساؤلات من دون أجوبة! لا يتعلق الأمر بالتشكيك في وجود "المسح" الذي تحدث عنه سيادة الوزير ولا بمصداقية ما ذكر بأنه يتضمنه من معلومات، لكن عدم الكشف عن "المعطيات الحديثة" التي تم الاستناد إليها للحديث عن "تراجع ملموس لمؤشرات الفقر وتحسن الظروف المعيشية للسكان"، هو ما يثير التساؤل؟ فهل تسرع الوزير في إعلان معلومات عامة قبل أن يكون "المسح" مكتملا وجاهزا للنشر؟ ولماذا فعل ذلك؟ قد يتبادر إلى الأذهان أن الوزير قد قرر –على طريقته- توديع المجلس الوزاري ومن ورائه الرأي العام الوطني من خلال تقديم حصيلة جد إيجابية لمأموريته على رأس الاقتصاد الوطني من 2008 وحتى اليوم، ليقول بأن جهوده طوال تلك الفترة لم تذهب سدى! وهي طريقة بارعة لتسجيل مروره لسبع سنوات بحقيبة الاقتصاد، "بأحرف من ذهب" تستمد لمعانها مما أسماه "تقييما ملموسا للأثر الايجابي لسياسات الحكومة خلال السنوات الأخيرة"! وحتى لو كان الأمر كذلك فلماذا لا يدعم الوزير حصيلته ولو برقم واحد كأن يكشف مثلا عن مؤشرات الفقر سنة 2008 ومؤشراته اليوم وهو العارف بأهمية الأرقام في تقديم حصيلة مماثلة؟ قد تكون هناك إكراهات تمنع الوزير من الكشف عن أرقامه بين يدي اللقاءات المنتظرة –التي وعد بها قبل فترة قصيرة- لتقييم جهود البلاد في مجال محاربة الفقر والتفكير في مرحلة ما بعد 2015، أو أية إكراهات أخرى من أي نوع آخر، مما جعله يكتفي بعموميات أرادها أن تكون "كلمة وداع" في آخر اجتماع قد يحضره لمجلس الوزراء بعد أن بات من شبه المؤكد أنه حزم حقائبه تأهبا لاستلام منصبه الجديد.
أقلام