- انتهت زيارة مقاطعة بومديد كما بدأت هادئة هدوء رمالها المتحركة زار خلالها مدرسة ومستوصف وسدود (بومديد و الدحارة وابرودة ) وبات بمنزل الجنرال ولد القزواني الذي يحمل دلالة علي غياب الدولة وعجزها عن توفير أماكن عمومية لاستقبال ضيوفها ولو أن السلطات بررت الموقف بأسباب أخري كالضرورة أو أنها هي من طلب ذلك لكان في الأمر حاجة في نفس يعقوب لمح لها بالطلقات النارية التي عقبت انتهاء الزيارة ومغادرته وسلك طريقا اصطفت علي جانبيه آلاف القادمين من سكان المقاطعة وجذورهم وتحالفاتهم السياسية و من ولايات أخرى ومقاطعات من نفس الولاية حاملين لافتات وشعارات كلها تحمل الإنجازات ولم تظهر فيها لافتة واحدة تعبر عن مشاكل المقاطعة مما أعطى صورة نمطية واضحة لدور القبيلة وإظهار قوتها وقدرتها علي تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء من ساكنة هذه المقاطعة كآدوابة والطبقات المهمشة التي لا تملك قوتها اليومي وجعل مفهوم الدولة في تسيير شؤون المواطنين غائب وحرمان مصالح الدولة وعمالها حتى من تمكينهم من الحصول على سكن ولو بالإيجار بالرغم من أن المظهر الخارجي للمقاطعة يظهر وجود فيلات ومنازل مغلقة يوم زيارة الرئيس .
- فحاكم المقاطعة وحاكمها المساعد يقطنان مسكن واحدا والقاضي يسكن غرفة من غرف مباني محكمته والطبيب الرئيس للمقاطعة يسكن مع سائق سيارة إسعافه رفقة أستاذ في الثانوية وبقية موظفي الدولة في مختلف المصالح بلا سكن وحال المكاتب كحال المساكن الكل سجين مقاطعة معزولة لا تتوفر فيها أبسط ظروف الاستقرار إلا لمن يعتبرها إرثا له ولا يحق لغيره فيها الرأي حتي ولو كانت الدولة فالدولة في هذه المقاطعة مسيرَة لا مسيرِة للشأن العام .
- لكنني تجولت في المقاطعة وحضرت تحضيرات الزيارة قبل الزيارة وبعدها فأدهشني ما شاهدت من خيام مزينة ومن لافتات وشعارات متفننة في أساليب المدح والسيارات الفارهة والإنارة ومختلف أنواع الزينة والترميم والطلاء والصباغة .
- إنه حقا مشهد أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه عرس أقيم في هذه الصحراء القاحلة به كلما لذ وطاب وخطر على بال لكن مما يثير الدهشة ويبعث إلى الحيرة وجود مشاهد أخرى بعد الزيارة حين يرى الخيام تطوى طيا والسيارات تعود بمن نقلت لتبقى المدينة خالية مما كان فيها بالأمس القريب وكأن المشهد كان خيالا وعادت حليمة إلي عادتها ورجعت المدينة إلي صمتها والعزلة والحرمان ومصارعة عاتيات الزمان الماء منقطع والسلطة سجينة لا يمكن لأي مصلحة منها أن تقوم بمهامها لأنها لا تتوفر علي وسيلة تحرك إلا عبر من يدير شأن المقاطعة وللمعطي قطعا شروط وللحرية نصيب سيغادر القاضي والحاكم والطبيب والمعلم والأستاذ لأنهم مجبرون علي ذلك و يبقي الفقراء والأطفال والنساء في بومديد محرومون من كل شيء فمن المسؤول عن هذه الوضعية يا ترى هل هي الدولة أم القبيلة أم هما معا فأصبحت لدي صورة مقتضبة عن هذه المقاطعة تتجلي في أن سكانها طيبون كرماء لكن لم ألتمس أي وجود لمفهوم الدولة والمواطن والحقوق. وسأوافيكم بملفات الزيارة وكواليسها تباعا
- الحمد ولد احمد الهادي
- 36684227