عرفت المجتمعات العربية الإسلامية عامة،والمجتمع الموريتاني خاصة،عادة إكرام الضيف،تلك العادة الحميدة،والخلق الحسن،الذي ورثِّه الأكابرُالأصاغرَِ وهي سنة سنها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام،يوم زاره ضيفُه المكرمون.
وجريا على عادة الأسلاف،وقطفا من أزهار بساتين موروثنا الفواحة،هاهي مدينة كيفه تلبس أبهى حللها لإستقبال قائد مسيرتها التنموية،رئيس الفقراء السيد محمد ولد عبد العزيز في ظرف زمني بلغت فيه القلوب الحناجر،من شدة الحرارة،وفي وقت تستعد فيه الساكنة للرحيل فرادى وجماعات،إلى مدينة أنواكشوط،فرارا من غيظ حر كيفه الجهنمي الصيفي وخوفا من غول عطشها،لكن حرص ساكنتها على استقبال ضيفهم الكريم،وقائد بلدهم وربان سفينة نهضتهم التنموية،الزمهم أماكنهم حتى يمرروا تلك الزيارة في ظروف حسنة،إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن،فقد خيب شبح العطش المتزايد يوما بعد يو،آمال الساكنة الغيورين على تقاليدهم،وعاداتهم فهم يرزحون تحت رحمة العطش،ويئنون بصوت مبحوح تصحبه نظرات خجولة خارجة من تحت الأنقاض،يرددون بتمتمات خافتة كل كلمات الإعتذار للسيد رئيس الجمهورية،ولسان حالهم يقول:نرحب بقدومكم يارئسنا،غيرأنه ليس من عادة الموريتانيين أن يطلبوامن ضيفهم المساعدة في مراسم إستقباله،لكن الماء عزعلينا طلبه،وغارت آبارنا،ونرجوامن السيد رئيس الجمهورية،أن يصدرأوامره المطاعة لمرافقيه،بإحضارسبعين صهريجا من الماء المعين،لتأمين سقاية حجاج ومعتمري مدينة كيفه أيام الزيارة .
مع أن مجموعة من الأسئلة شغلت بالنا وملأت خيال أفكارنا وحولت نومنا من كرى إلى سهاد نحن سكان المدينة ألاوهي:
هل مازال الماء شريانا للحياة وعصب لها؟ وهل له من برمجة في مقاربة السيد رئيس الجمهورية؟وهل يعتبررئيس الجمهورية رئيسا لفقراء الماء أم رئيسا للفقراء فقط؟وهل فقرالماء يسمى فقرا؟وهل ينوي فتح آبارأمل للماء موازية لدكاكين أمل؟ ولماذا لايسمونها دكاكين الواقع بدلا من الأمل الذي سئمناه رغم مشروعيته لأننا عشنا في كنفه حقبا من الزمن وبالتحديد منذ نشأة طريق الأمل ونحن الآن نتغذى على آخر لقمة من رخيف الأمل ونحتاج إلى قنينة ماء لطبخ رغيف آخر وهل ستدخل سياسة توفير المياه للمدينة في مشاريع الأمل مع أنها لاتتحمل التريث ولا التقيد بالدراسات ؟
فرحم الله أبناء مدينة كيفه لم يمنعهم الحياء من السؤال عن أمور دنياهم!