ظلت مدينة كيفه تحتل مكانة متقدمة بين مدن البلاد نظرا لموقعها الجغرافي المتميز الذي جعلها قلب البلاد النابض ولأهميتها الزراعية و الرعوية مع كثافتها السكانية التي جعلتها ثاني أكبر مدينة في البلاد .
لذلك كانت محل عناية واهتمام الأنظمة المتعاقبة على البلاد التي استعانت بثقافة وخبرات ابنائها الذين تعلموا في وقت مبكر فلم تخلو حكومة من تمثيل كبير لها منذ نشأة الدولة كما وجدت نصيبها من الاستثمارات والمشاريع الوطنية وأعطى جميع الحكام لهذه المدينة الأولوية التي تستحقها ، حيث شرفها الرئيس الراحل المختار ولد داده باختيارها مكانا لاستضافة بعض الوفود الرئاسية كما فعل مع رئيسي الكامرون ومالي عندما جاء بهما إلى كيفه وذلك تقديرا لهذه المدينة التي مثلت أروع تجليات الاندماج الاجتماعي و التنوع والتعايش.
وأثناء الأحكام العسكرية حافظ كافة الرؤساء على مكانة المدينة ومنحوها الكثير من الاهتمام والامتيازات بل إنها انجبت رجالا تولوا أعلى مسؤولية في البلاد .
وفي عهد التعددية من 1991 إلى 2005 كانت المدينة حاضرة في المشهد الوطني وتولى أبناؤها الكثير من المسؤوليات واختارتها سلطات البلاد ولاية نموذجية لتطبيق برامج الأمم المتحدة الإنمائية واستفادت من مشاريع حيوية كشبكات الماء والكهرباء والاتصال.
ومن هذه المدينة وجه الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد احمد ولد الطايع خطابة الهام سنة 2004 الذي تميز بأسلوب من الانفتاح والمرونة في تناوله للقضايا الوطنية، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت إسقاطه.
غير أن الوضع تبدل تماما منذ سنة 2009 فتم تهميش الكفاءات المنحدرة من المدينة واستثنيت من جميع التدخلات والمشاريع والبنى والبرامج التنموية ذات الأهمية حيث حرمت من المدارس المهنية ومن مؤسسات التعليم العالي ولم يشهد قطاع التعليم الأساسي والثانوي أي تطور إلا في اتجاه الانهيار إذ تهدمت المباني وتسرب التلاميذ وعزف المدرسون عن أداء مهامهم.
وفي الجانب الصحي ظل أكبر مركز للصحة هو المستشفى الجهوي يعاني من نقص حاد في الكادر البشري واللوجستي ولم تجري أي توسعة في الماء أو الكهرباء مما حول شبكة الكهرباء إلى خدمة مترهلة لا توفي بحاجيات السكان وعجزت شركة المياه عن سقاية المدينة التي تقف اليوم على باب كارثة حقيقية بسبب العطش ولم تحرك السلطات لتداركها أي ساكن.
واليوم يهدد الجفاف الثروة الحيوانية للولاية التي تمثل الركيزة الاقتصادية للسكان دون أن يلوح في الـأفق أي تدخل حكومي لإنقاذها.
وبخل النظام الحالي على هذه المدينة والولاية عموما بتوجيه مصانع أو معاهد أو أي شركات أو مرافق ذات نفع عام و، متجاهلا ما تتميز به المدينة من عوامل وشروط معيارية للتنمية وهو الوضع الذي حول الولاية عموما إلى جيب للفقر ووكر للفاقة والحرمان.
وقد صار موضوع تهميش الولاية من طرف الحكم الحالي هو حديث المواطنين العاديين والأطر إذا خلوا إلى انسفهم وهو ما ينعكس اليوم على تحضير استقبال الرئيس الذي اتسم حتى الآن بالكثير من الفتور وافتقد إلى حد كبير الحماس والاندفاع المعهودين كلما حل بها بهذه الولاية رئيس.
وكالة كيفه للأنباء