عند نهاية كل خريف يباشر مزارعوا الخضروات في مدينة كيفه والمناطق القريبة زراعة الخضروات في بساتينهم الواقعة في لمسيله يدفعهم الحماس الشديد لتحقيق الاكتفاء في مجال الخضروات و استثمار الأرض من أجل الإنفاق على عوائلهم.
لقد كانوا مندفعين وجادين في تحقيق النجاح في ذلك العمل الشريف المنتج فنبتت المزروعات بسرعة وأينعت الأحواض بمختلف الخضراوات.
غير أنه مع مرور الوقت وعندما بدأ هؤلاء المزارعون في توزيع المغروسات إلى الأحواض وتوسيع مساحة الحرث تبين أن مياه الآبار التي يستخدمونها في الري لا توفر الحد الأدنى من حاجيات المزروعات من الماء نظرا لنموها المتوسع والمضطرد.
لقد كانت حسرة هؤلاء كبيرة وهم يقفون على أرض
غنية يملكونها ،بإمكانها أن تغنيهم وتوفر لهم ما طاب من الرزق غير أنها تطردهم وتستعصي عليهم بسبب ندرة الماء.
المعطي ولد دمب مزارع في بلدة "أم امشكاك"
يقول وهو يغمره الإحباط : كان بوسعنا أن نقدم الكثير من العطاء من خلال تصدير أطنان الخضراوات غير أن قلة المياه حالت دون ذلك ، ورغم أننا لا نحتاج لأكثر من تعميق آبارنا مترين أو ثلاثة فإن ذلك يعوزنا لقلة ما في اليد أما السلطات العمومية التي كتبنا إليها أكثر من طلب فإنها لا تبالي ولا تصغي إلينا ولم تساعدنا بمسمار ونحن ننتهز فرصة وجود الوكالة في حقولنا فنجدد مطالبتنا للحكومة الموريتانية وللمشاريع المتدخلة والمنظمات بشيء واحد هو حل مشكلة المياه وبالماء وحده سوف نكون في غنى تام عن الدولة.
لقد تسرب إلى أنفسنا الكثير من اليأس ونحن نشاهد كل ما زرعناه بشق الأنفس يذبل تباعا.
وأما مسعوده بنت الحر فترى أن الدولة تتعمد تجويع المزارعين الذين لا يطالبون بأكثر من آبار يروون بها ما يزرعون وعندها سيحصدون ما يكفي الجميع من خضروات تقضي على استيراد هذه المادة الغذائية الحيوية من الخارج.
مزارعو الخضروات مستعدون لتقديم الكثير من العطاء وهم يؤكدون أن بوسعهم حصاد غلات كثيرة تكفيهم وتكفي الكثيرين من أبناء وطنهم لو أولتهم الدولة الموريتانية قليلا من الاهتمام وزودتهم بالماء.
مزارعون يمتلكون الإرادة و أرض خصبة معطاء ، وحكومة متخاذلة عن مساعدة منتجين حقيقيين.
فمتى نعود إلى أرضنا فنزرعها فنأكل ونبيع وندخر ، ومتى نمنح هؤلاء الرجال ما يستحقون من عناية و إجلال؟