من أنا ؟ وماذا أريد؟ /محمد عالي الهاشمي
أحيانا يسألنى بعض الإخوة ممن لا يعرفوننى حق المعرفة : " هل أنت مع النظام أو مع المعارضة " وقد أخبرنى من أثق فيه أن جهات معينة شكلت لجنة في الصيف الماضي بعد إنطلاق الربيع العربي كان هدفها متابعة كل ما ينشر في الأنترنت من مقالات وقسموا تلك المقالات إلى قسمين قسم مع النظام وقسم ضده وأنهم لم يستطيعوا أن يصنفونى – وهذا يدل على أنهم يهتمون بكل شيء مهما كانت بساطته وإلا ما اهتموا بما أكتب أنا - هل أنا معارض أم مؤيد وكأنه لا يوجد أحد لا هو مع هذا ولا مع ذاك وقد وجهت السؤال لنفسي:" من أنا هل أنا معارض أم مؤيد أم لا هذا ولا ذاك " لأن هذه الإشكالية تنطبق علي كثيرين غيري وكان الجواب أن هناك فئة لا هي مع السلطة ولا هي مع المعارضة وإنما هي مع الحق تدور معه حيث دار فإن كان مع النظام كانت معه وإن كان مع المعارضة كانت معه , والسلطة تصيب أحيانا فيكون الحق معها وتخطئ أحيانا أخر فيكون الحق ضدها وكذا المعارضة وهذه الفئة ليست بالقليلة لكن بعضها صامت حتى لا يقال عنه أنه مع هذا الطرف أو ذاك وهو ما جعل ذوي الأفق الضيق أو الذين يفكرون من منطلق المصلحة الشخصية يصنفون الناس إلى قسمين فقط إما مؤيد وإما معارض وهو تصنيف خاطئ فهناك صنف يتغذى على قول الحقيقة كما يتغذو هم على ما يجنونه من مواقفهم السياسية ( معارضين كانوا أو مؤيدين ) من مصالح مادية أو جهوية أو قبلية , صنف لا يرضى بغير قول الحقيقة ويرى أنها أقل ما يمكنه أن يقدمه لشعب يستحق عليه الكثير ووطن قد شغفه حبا.
لذا عندما قام ولد عبد العزيز بإنقلاب عسكري على رئيس منتخب – رغم مآخذنا على الأخير – عارضنا ذلك الإنقلاب وأيدنا الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وفي نفس الوقت عندما قامت الجبهة بالإستعانة بالخارج وعملت على تجويع الشعب قلنا : لا . ذاك خط أحمر , وعندما قام ولد عبد العزيز بخطوته الجريئة بحق , بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني قلنا له أحسنت وكذا عندما تقوم السلطات بضبط الحالة المدنية – مثلا – للمرة الأولى في تاريخ البلد وهو ما يمكن اعتباره أولى الخطوات التأسيسية الحقيقية لبناء الدولة نقول أنها أحسنت فعلا – مقال لي بعنوان : حتى لا نصبح بدون - وعندما تزايد المعارض وتعارض هذا المشروع فقط لأن خصمها السياسي هو من قام به نقول أنها أساءت وأنها معارضة غير وطنية وفي نفس الوقت عندما نجد معايير الزبونية والرشوة تلعب دورا مهما في مراكز الإحصاء نقول عن السلطة أخطأت في هذه الجزئية ويجب تصحيحها بأسرع وقت – ربما تكون لي عودة لموضوع الحالة المدنية بتفصيل أكثر – وعندما تقوم السلطات بزيادة أسعار المحروقات والمواد الغذائية زيادات غير مبررة ومجحفة بالمواطنين نقول عنها أساءت – مقال كفى استهزاءا – وعندما لا تطبق المعارضة الديمقراطية في ذاتها نقول أنها أساءت لأن من لم يستطع أن يطبق الديمقراطية في حزبه لن يسطتع أن يطبقها إذا وصل للسلطة و تحكم في أجهزة الدولة الأمنية والإقتصادية والتشريعية لذا قلنا : " الشعب يريد إصلاح المعارضة أيضا " وفي نفس السياق سارت مقالات : الطريق إلى الثورة المنشودة , شكرا سيدي الرئيس ولكن , الحوار الخدعة , الوطنية هي الحل ... وكذا بقية المقالات والمشاركات التفاعلية في الواقع وفي العالم الإفتراضي وهذه كانت سياستنا مع الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله والرئيس الأسبق أعل ولد محمد فال وحتى مع ولد الطائع وسننتهج نفس النهج مع من يأتى بعد محمد ولد عبد العزيز.
بعد جواب السؤال الأول أكملت بسؤال ثاني وجهته لنفسي أيضا وهو " وماذا أريد " وكانت الإجابة:
أنا ببساطة مواطن أريد عيشا كريما في وطن قالت لي كل الدراسات ويؤكدها لي رئيس الجمهورية في كل مرة وآخرها مهرجان ألاك الأخير أنه وطن "غني بالثروات قليل السكان" ,
أنا ببساطة شاب حامل شهادة معطل – وليس عاطل - عن العمل أريد التوظيف بكرامة لا زبونية ولا تمصلح ولا ألزم فيها بالكذب والنفاق وترك كلما تربيت عليه وتعلمته من قيم ومكارم الأخلاق , شاب يريد الحرية والكرامة والعيش بما أنعم الله به على وطنه من خيرات أليس هذا من حقى؟.
أنا ببساطة مواطن يحلم أن يكون له وطن يوجد به نظام وقانون وعدالة وصحة وتعليم ومظهر حضاري يناسب الزمن الذي نعيشه و نتجاوز به وصف " البلاد السائبة" والوضع المزري للبلد فهل هذا مستحيل؟ .
أنا ببساطة مواطن يريد أن تشعر الأغلبية أنه انتخبها لتخدمه لا لتخدم جيوبها فحسب و أن تشعر المعارضة أنه أوجدها لتراقب السلطة وتشجعها إن هي أصابت وتقومها إن هي أخطأت فقط لا أن تضحي بالبلد من أجل مصالحها الذاتية أليست هذه هي وظيفتهما ؟.
أنا ببساطة شاب يعلم أن ماقبل البوعزيزي ليس كما بعده ويؤمن - كما أشرت في تقرير لقناة الجزيرة عن " الشبابي المغاربي والفضاءات الإفتراضية حدود تغيير الواقع بالنقرات الألكترونية " بأيام قبل انطلاق الثورة التونسية : - " أننا الآن يجب أن نتحمل المسؤولية بأنفسنا لأننا في الماضي كنا نناضل ويسغل الآخرون نضالنا لأغراضهم الشخصية , لأغراضهم السياسية ولو استغلوه لمصلحة الوطن لسكتنا ولكنهم يستغلوه لأغراضهم الشخصية وهو أمر لم يعد مقبولا" ألم يثبت الربيع العربي أن صوتا كهذا يجب أن يسمع قبل فوات الأوان ؟.