تعيش موريتانيا أزمة سياسية عميقة وحادة، متعددة الأوجه والأشكال، وهذه الأزمة السياسية ليست إلا انعكاسا لأزمات عديدة أخرى، منها الاجتماعي، والحقوقي، والاقتصادي، والثقافي، والأخلاقي. ولقد أدت كل هذه الأزمات مجتمعة إلى غياب الدولة، وإلى تنامي وتصاعد الخطاب القبلي والجهوي والشرائحي والعرقي على حساب الخطاب الوطني الجامع. ومما زاد الأمور تعقيدا هو أننا عرفنا كل هذه الأزمات في ظل ظرفية تاريخية عصيبة، وفي منطقة جغرافية غير آمنة، تفككت فيها دول عديدة، لم يكن أكثر الناس تشاؤما يتوقع لها أن تتفكك بتلك السرعة الرهيبة التي تفككت بها. يحدث كل ذلك بجوارنا، وفي زمن تحكمنا فيه سلطة عسكرية انقلابية غير راشدة يبدو أنها لا تعي ولا تقدر خطورة ما يحدث حولها من فتن ومصائب، بل إن هذه السلطة تتصرف في بعض الأحيان وكأنها تسعى ـ عن وعي أو بدون وعي ـ إلى جلب تلك المخاطر والتحديات إلى بلدنا، وإلى التعجيل بتفكيك كيان الدولة الموريتانية وذلك من خلال عملها الدؤوب والمتواصل على تعميق وتجذير كل الأزمات التي تعيشها بلادنا، وفي هذا الإطار فقد عملت السلطة الحاكمة على تفخيخ اللحمة الوطنية، وعلى خنق الديموقراطية، وعلى تهميش الأحزاب السياسية، وعلى إضعاف الإدارة العمومية، وعلى نزع ما تبقى من هيبة لدى الدولة الموريتانية، وعلى إذلال المواطن الموريتاني أينما كان : في سكنه، في عيشه، في عمله، وتحويل حياة هذا المواطن إلى معاناة دائمة ومستمرة. في وضعية كهذه، يكون من المعيب جدا أن يظل الشباب الموريتاني راضيا بالبقاء على هامش الفعل السياسي والنضالي، وأن تكتفي أقلية منه، وهي الأكثر طموحا، بالنضال من المواقع الخلفية، وبأساليب ووسائل تقليدية، ينقصها الابداع والفعالية في بعض الأحيان، وينقصها التنسيق والتكامل في أحايين أخرى، الشيء الذي جعل تلك الجهود لا تأتي بالنتائج التي كانت تُراد منها. أما أكثرية هذا الشباب فقد اكتفت بالتفرج على البلد وهو ينهار، وكأن البلد ليس ببلدها، وربما يكون قد بلغ بها اليأس والاحباط إلى أن أصبحت تعتقد بأن الأمور لم يعد بالإمكان إصلاحها، وبأن الكارثة لم يعد بالإمكان تجنبها، أو بلغ بها التفاؤل أوالاتكالية بأن وصلت إلى قناعة راسخة بأن الأمور ستصلح نفسها بنفسها، وبأن السماء ستمطر ديموقراطية وتنمية على هذه الأرض المتعطشة إلى ديمقراطية وإلى تنمية حقيقية. إن مواجهة هذه الوضعية الحرجة التي تمر بها بلادنا تفرض على الشباب الموريتاني أن يبتعد عن النظرة التشاؤمية التي يعتقد أصحابها بأنه قد فات الأوان على إصلاح الأمور، وأن يبتعد في الوقت نفسه عن النظرة التفاؤلية التي يرى أصحابها بأن الأمور يمكن أن تصلح نفسها بنفسها. وبعيدا عن تشاؤم المتشائمين، وعن تفاؤل المتفائلين، فإننا في نداء الرابع من أكتوبر لنؤمن إيمانا جازما بأنه ما زال بإمكاننا أن نقف في وجه الكارثة، وأن نجنب بلادنا ما حل ببلدان أخرى من كوارث وفتن، وبأنه ما يزال بمقدورنا فرض وتحقيق التغيير السلمي والآمن في هذه البلاد، ولن يتحقق ذلك التغيير المنشود إلا بفعل عمل نضالي كبير يبدأ بالشباب وينتهي بهم، يبدأ بأفكار رائدة ينتجونها بعقولهم، وينتهي بأعمال نضالية فعالة ينفذونها بسواعدهم . إن مثل ذلك العمل النضالي الكبير يحتاج إلى توحيد كل القوى الشبابية الفاعلة، وإلى توحيد جهودها، ولن يكون بالإمكان توحيد تلك القوى الشبابية، ولا توحيد جهودها، إلا إذا تم فتح سلسلة من النقاشات الجادة مع تلك القوي، وهو الشيء الذي يعتزم الموقعون على نداء الرابع من أكتوبر أن يقوموا به خلال الأيام والأسابيع القادمة، وسينظم الموقعون على النداء سلسلة من اللقاءات والنقاشات، والتي ستشمل: ـ كل المنظمات الشبابية للأحزاب المعارضة. ـ أهم الحركات الشبابية الفاعلة التي ظهرت في السنوات الأخيرة. ـ بعض الاتحادات الطلابية. ـ بعض الحركات الشبابية ذات الطابع الاحتجاجي، خاصة منها تلك التي تهتم بقضايا تخص الشباب كالبطالة مثلا. ـ بعض منظمات المجتمع المدني التي يقودها شباب والتي تعمل في المجال الحقوقي أو في أي مجال آخر له صلة بتطوير الديمقراطية في موريتانيا. ـ بعض الشخصيات الشبابية المستقلة والفاعلة. للتوقيع والمشاركة في أنشطة النداء https://docs.google.com/forms/d/1mr.... - See more at: http://amicinfo.com/node/3098#sthas...