في يونيو 1967، قرّر الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله إطلاق حملة وطنية لجمع التبرّعات لصالح المقاومة الفلسطينية بعد حرب الأيام ال6..و تولّى هو شخصيا الاشراف عليها لتشمل جميع المدن و الأرياف على عموم التراب الوطني.
و رغم صعوبة الأوضاع آنذاك، حيثُ لا طرقات معبّدة في الحد الأدنى، ولا هواتف ثابتة و بالأحرى منقولة، و لا فضائيات، و لا إذاعات، و لا أموال مكدّسة... رغم ذلك كلّه، فقد تكللت تلك الحملة بنجاح باهر.
في بوادي مقطع لحجار، كنت أسمع ليلا و نهارا عن التبرع لفلسطين..و عن هدية فلان و فلان و الفلاننيين..حتّى وصلت البعثة إلى خيامنا. فرأيت بأم عيني عددا من "آزوازيل" من ضمنهم جمل أبيض، طويل القامة، سريع الخطى، اسمه "بو اكْليْده"،هو أجود ما يملكه الوالد[رحمه الله]، و عددا من البقر و الغنم و الحمير و المفروشات و حلْيِ النساء ...و الجميع ذاهبُُ من تلك الخيام الفقيرة باتجاه فلسطين أو على الأصح باتجاه "بيت المقدس"...
رأيتُ بأم عيني كيف انتفضت المرأة في خيْمتها هناك...في مرابع آفطوط...بعيدا عن الادارة و الرئيس و الاعلام و السعي للوظيفة أو الترقية...لتجُود بأحسن و أجمل ما عندها من حلي و مفروشات لفائدة فلسطين..و رأيتُ بأم عيني كيف يتنافس الرجال في أداء الواجب الديني و الأخلاقي...و قد استفدتُ من ذلك المشهد المهيب كيف تكون النتيجة فائقة، و رائعة، و مُبْهرة...عندما تقفُ "القمة" و "القاعدة" على قلب رجل واحد من أجل قضية مصيريّة و عادلة...
و باختصار شديد، أقول و بدون مُبالغة: إنّ ما عشناهُ في موريتانيا كان ... انتفاضة!!!!
محمد فال ولد بلال