منذ قدوم ولد عبدالعزيز إلى الحكم ، ظهرت ملامح سياسة ممنهجة لطحن و إبعاد و تهميش كل العقول الوطنية و فتح الباب على مصراعيه لكل مرتزق و كل متزلف و كل تافه ، لتصبح الفضائح الاجتماعية أمرا عاديا و رعاية المخدرات من قبل أعلى هرم في السلطة أمرا عاديا و سرقة بيت امرأة من قبل رئيس مجلس الشيوخ بدعوى رغبة الرئيس في امتلاكه أمرا عاديا و نطح برلماني لامرأة أمام الناس أمرا عاديا >
و نثر تفاصيل صناديق العراقي عثمان علوي في تسجيلات بصوت رئيس الجمهورية أمرا عاديا و إطلاق النار على رئيس الجمهورية في شقة شعبية في "أطويلة لكصر" ( سنقول كاذبين إننا لا نعرف ماذا كان يفعل فيها ، أمرا عاديا حتى لو كان مزحة من فاتنة كما كانت طلقة ابنه مزحة عادية مع فاتنة أخرى)..
كنا نحذر من مخاطر ظهور هذه النخبة المزورة من المحتالين و النصابين و المرتزقين :
ـ إن دولة يقود مجلس شيوخها نادل مقاهي روصو محسن ولد الحاج ، دولة تافهة .. دولة ساقطة، لا يستطيع محامي الجن ولد محم الدفاع عن سوء أخلاقها..
ـ إن دولة يقود بائع الباكلوريا الصغير ولد امبارك مجلسها الدستوري ، دولة مستهترة .. دولة سخيفة ، لا يستطيع محامي الشيطان ولد الشدو الدفاع عن جرائمها الأخلاقية (أو اللا أخلاقية على الأصح) و جرائمها المالية المنثورة "على الماشي" أينما اتجهنا..
ـ إن دولة يشرف لمرابط سيدي محمود على تكوين قضاتها و صحافتها ، لا يمكن أن تكون غير موريتانيا ولد عبد العزيز الملطخة بصناديق كومبا با و اعترافات العميل المالي حامد عمر و تصريحات "مامير" و كذبة "أطويله" و تصويبات "نيكولا بو" و سخافات قصة بيت "رمله" و كوميسيوهات (العراقي) عثمان علوي و تسجيلات فضائح آكرا و صفقات السنوسي و الصحراوي .
حين بدأت عصابة ولد عبد العزيز بهذا التوجه الخطير ، كنا نحذر عقلاء البلد من انزلاق الدولة في مستنقع ثقافتهم المستسهلة لكل ممنوع ، المستخفة بكل مقدس ، القادرة على ارتكاب كل محذور.. كل موبيقة .. كل مشين .. و كل ما لا يمكن أن يجول في خاطر أي منا.
ـ لم يكن من قبيل الصدفة على الإطلاق أن تحرق "إيرا" أهم كتب المذهب المالكي الذي تستمد 80% من القانون الفرنسي روحها منه..
ـ لم يكن من قبيل الصدفة أن يظهر طوفان الكتابات الملحدة بأسماء موريتانية هي كانت الأبعد عن هذا الانزلاق على وجه الأرض..
ـ و قد فهمنا الآن بعد انكشاف كل أوراق اللعبة أنه لم يكن من قبيل الصدفة على الإطلاق أن يتولى ولد الشدو (المدعي الوقوف على جبل من القيم الكاذبة) الدفاع عن ولد لمخيطير و تطالب رابطة النساء المعيلات للأسر و ضمير و مقاومة و الرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان و نجدة العبيد، باتخاذ "قرار سريع بإطلاق سراحه دون متابعة وتوفير الحماية له"..
ـ و فهمنا الآن بعد انكشاف جميع أوراق اللعبة لماذا تم تمزيق المصحف و الاعتداء الجسدي على العلماء و تسكير المنظمات الخيرية .. لقد فهمنا الآن أن كل هذه الموبقات تمت بتخطيط و ترتيب محكمين لتكون بالونات اختبار للتأكد من الموت السريري للنخب التي تم تهميشها و طحنها و انتقاء المستعدين منها للمساهمة في جر المجتمع إلى جحيم نوايا العصابة الإجرامية المبيتة ..
لقد فهمنا الآن لماذا رفضت الجزائر قيادة الاتحاد الإفريقي و تركها لموريتانيا بعد ما أصبح "جحاها" خاتما بأصبعها .. و فهمنا الآن أسباب الرحلات المكوكية لوزير خارجية موريتانيا (مسؤول ملف العلاقات الموريتانية الإسرائيلية) إلى القاهرة و مادريد (عراب العلاقات الموريتانية الإسرائيلية).. فهمنا الآن لماذا تم منذ فترة رد الاعتبار للجناح الإسرائيلي (وزير الخارجية، الأمين العام للحكومة، الشيخ العافية، الصغير ولد أمبارك، لمرابط سيدي محمود ).. فهمنا الآن حساسية ولد عبد العزيز و طاقم دفاعه العالية، من ذكر اسم إسرائيل.. فهمنا الآن لماذا تدعي جوقة نفاق ولد عبد العزيز طرده للوفد الإسرائيلي .. فهمنا الآن لماذا أجلت أمريكا و كل الدول الأوروبية اعترافها بانتخابات ولد عبد العزيز حتى عودته من مالابو .. فهمنا الآن كلام وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى و إعلانه "الآن" أن "الجزائر مستعدة لإعادة فتح المعابد اليهودية، التي أغلقت في تسعينيات القرن الماضي لدواع أمنية"..
هناك الآن 15 دولة في الاتحاد الإفريقي تعترف رسميا بالكيان الصهيوني، لم تستطع أي منها خلال توليها قيادة الاتحاد الإفريقي أن تستقبل ملف عضوية الكيان الصهيوني لأنها ستفتح عداء تاريخيا لبلدها مع كل الأمتين الإسلامية و العربية مدى الحياة.
حتى الاتحاد الأوروبي ضن على إسرائيل بهذه العضوية خوفا من عداء العرب و المسلمين و وحده ولد عبد العزيز هو من يتجرأ اليوم على هذا الأمر الخطير . و لأن الفلسطينيين يفهمون أن حصول إسرائيل على هذه العضوية يعني موت الأمل الفلسطيني في الحصول على دولة ،
قامت قواهم الحية (لأن قيادتهم خائنة) بتفجير الوضع ولو لم يحدث ما حدث الآن في غزة لكانت "إسرائيل اليوم عضوا في الاتحاد الإفريقي بسبب خيانة ولد عبد العزيز و تخطيط الجزائر و تواطؤ مصر و سكوت تونس.. الصفات المشتركة بين النظام الجزائري و المصري و الموريتاني ، صفات بارزة :
ـ كلهم نظام عربي فاشل .. كلهم نظام عسكري دكتاتوري ..
ـ كلهم فاقد للشرعية الداخلية ..
ـ كلهم يترنح لتعويض رفضه الداخلي بقبول دولي بأي ثمن ..
ـ كلهم يتودد للغرب بقصة محاربة الإرهاب المكذوبة..
ـ كلهم استولى على السلطة بانقلاب عسكري ..
ـ كلهم زور الانتخابات ليبقى في الحكم ..
ـ كلهم يرتبط بقاؤه خارج السجن ببقائه في السلطة .. يبدو أن الجزائر حين أخذت هذه المهمة على عاتقها أمام أمريكا والاتحاد الأوروبي، فبركت كل شيء بمساعدة شركائها الأوروبيين و الأمريكيين و الأفارقة ليتولى ولد عبد العزيز (الحلقة الأضعف و الأتفه) قيادة الاتحاد الإفريقي و أقنعت الأخير بأن فوائد الأمر عليه ستكون مفتوحة مدى حياته و بأن عضوية إسرائيل في الاتحاد الإفريقي أمر شكلي بلا معنى و أنها هي من ستتولى التخطيط للأمر من ألفه إلى يائه.
و كانت اعترافات الدول الغربية التي تهاطلت على الجزائر بعد فوز بو تفليقة (بكرسيه المتحرك) بكرسي الرئاسة الجزائرية ، تتويجا لهذا الدور الخبيث الذي ورطت فيه موريتانيا و جرت له مصر و أسكتت عنه تونس .. فهل نتساءل اليوم لماذا لا تقدم القيادة الفلسطينية التي قتلت الشهيد عرفات، شكوى من موريتانيا للجامعة العربية و المؤتمر الإسلامي؟ و منذ متى كان رئيس وزراء الكيان هو من يدعو للتعقل و تهدئة الأوضاع و ضبط النفس؟ يبدو الآن واضحا أن النخب الفلسطينية فهمت كل تفاصيل اللعبة و أدركت دور الجزائر و تواطؤ مصر و صمت تونس ، فلم يكن أمامها سوى هذا التصعيد الذي يدخل يومه السابع بحصيلة كارثية (مئات القتلى و آلاف الجرحى و حصيلة دمار بمئات ملايين الدولارات) و تحاول الجزائر اليوم إخفاء حقيقة دورها من خلال إدانة العدوان لأن ما يهمنا نحن العرب هو الكلام و ما يهم الإسرائيليين هو النتيجة ، لكن حتى هذه الحقيقة المعروفة لدى الجميع فاتت على ولد عبد العزيز الذي تخلف حتى عن إدانة العدوان مثل كل دول المغرب العربي المتورطة و البريئة..!؟ فمن فهم كلام ولد عبد العزيز لجون أفريك بالمغلوط يا ولد محم؟ و ماذا يستطيع ولد عبد العزيز أن يقول أكثر مما قاله :" طلب إسرائيل بشأن العضوية في الاتحاد الإفريقي "مستوفي الشروط، وسيتم نقاشه".. و "سندرسه فور استلامه" ؟ و ما معنى هذا الكلام يا ولد محم؟ إن أي تفسير لهذا الكلام يظل ناقصا ما لم يبت بأنه يعني أن قبول طلب إسرائيل أصبح مجرد مسألة وقت.. و كان ولد عبد العزيز يعرف أن جون أفريك ستسأله لا محالة عن هذا السؤال و كان رده عليه الذي تم تحضيره بدقة ، يراد منه إشعار الرأي العام الموريتاني و العربي بأن عليه أن لا يتفاجأ بهذه الحقيقة.. أم أن وزير الإعلام من غبائه ، يحاول إلحاق نفسه بفريق ولد عبد العزيز المكلف بهذا الملف القذر (وزير الخارجية و أمين عام الدولة و محامي ولد عبد العزيز جمال ولد الشيخ وسفيره في واشنطن ولد امحيسن)؟ ثم ما معنى طرد إسرائيل من موريتانيا إذ كانت ضريبته الاعتراف بعضويتها في الاتحاد الإفريقي الأكبر و الأهم ألف مرة ؟ لم تحلم إسرائيل يوما بدخول الاتحاد الإفريقي عن طريق بلد عربي مسلم مثل موريتانيا التي قالت عنها غولدا مايير في السبعينات "من بين الدول العربية و الإسلامية الأكثر عداء لإسرائيل هي موريتانيا و سيأتي يوم ندخلها فيه مشكلة لن تعرف كيف تخرج منها أبدا" و لم تحلم قطعا و لم تتخيل في أي يوم أن يتم ذلك بتخطيط من الجزائر التي قال منها المرحوم هواري بومدين ذات يوم "أنا مع فلسطين ظالمة كانت أو مظلومة"..! و يخطئ النظام الجزائري إذا كان يعتقد أنه سيسيطر على قرار المغرب العربي و تتعزز مكانته في الاتحاد الإفريقي بتنازله عن الدور الجزائري التاريخي العظيم .. إن عالمنا العربي ينهار اليوم بشكل مرعب و تتهاوى قلاع مجده بشكل مخجل ، فماذا بعد الجزائر ؟
الزمان