مفارقة غريبة أن يكون سقوط آخر أركان نظام ملك الملوك في آخر مكان أقيمت فيه صلاة جماعية أمها الرحل معمر القذافي... والأغرب أن يعتقل السنوسي في مطار أنواكشوط قادما من المغرب... فقدومه من هناك يطرح تساؤلات لا نهاية لها... هل كان المغاربة على علم بالمسافر الغير العادي وتركوه يرحل إلي أرض "السيبة" تفاديا للإحراج!
أم أنه فعلا عبر دون علم الأجهزة الأمنية المغربية التي عادة لا تفوت هذا النوع من الفرص؟
والأمر الأهم هو كيف ستتعامل موريتانيا مع هذه الهدية الملغومة؟ إن سلمت السنوسي لليبيا تكون سلمت من أستجار وطلب الأمان من مظنه في آخر معاقل النخوة و الشهامة بلاد شنقيط منارة العلم ورباط المعرفة! وإن منعته انفجرت العلاقة المأزومة المكلومة مع ليبيا الجديدة... تبقي الخيارات الأخرى وأحلاها مر فتسليمه للجنائية الدولية مضر ولا يرضي أحد وسيكون و صمة عار على جبين الموريتانيين لأجيال متلاحقة... وتسليمه لفرنسا جريمة قومية وأخلاقية لا يمكن الدفاع عنها!
ولكل هذه الأسباب وغيرها أخال موريتانيا ستتخذ موقفا وسطا لا هو بالتسليم ولا هو بالممانعة فهي ستمكن الاجهزة الامنية الفرنسية و الليبية الراغبة من استجوابه و هذه مسألة محفوفة بالمخاطر لأن قتله أو اختطافه أو انتحاره أو هروبه أو تهريبه كلها خيارات واردة ومزعجة لموريتانيا وغير مقبولة إطلاقا...
لذلك ينبغي على موريتانيا ان تستجمع حكمتها و تتمنطق بشجعاتها ورصانتها وتضع أسيرها المستجير بها في مكان آمن وخارج إطار المساومات حتي تتضح ما ورائيات المشهد بكل أبعاده وثوابته ومتغيراته الكثيرة، فالمساومات في هكذا قضيا قاتلة والصفقات مميتة وخاسرة.
يعقوب ولد سلام / الرأي المستنير