يمكن القول بأن البلاد عادت إلى أجواء الاحتقان التي سبق وعرفتها خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع: وزراء يعقدون الاجتماعات الليلية للتحذير من خطر المعارضة، مناشير تملأ الأفق للتحذير من الفتن التي يتسبب فيها قادة المعارضة، بيانات تدعو للتضييق على الحريات تحت غطاء المحافظة على هيبة المؤسسات الدستورية، استغلال حاجة الشرائح الفقيرة وتقديم الوعود لها بتقسيم الأسماك عليها وقت نشاط المعارضة، شائعات في كل مكان حول النوايا المبيتة للمعارضة...
والهدف من كل ذلك هو إفشال مسيرة دعت إليها المعارضة مساء اليوم ! وكأن الأمر يستحق كل هذا العناء أو كان الاحتجاجات السلمية باتت مصدر قلق في دولة ديمقراطية!
من جهة أخرى تأبى السلطة إلا أن تكمل المشهد وهي تحشد كل طاقاتها في نواذيبو لاستقبال الرئيس: تنظيف شوارع المدينة بمناسبة الزيارة، طلاء الواجهات، ترحيل المؤيدين النشطين للسلطة من نواكشوط وبعض مدن الداخل المتحمسة، الضغط على العمال داخل الولاية المزورة لحضور المهرجان، منح الإذن للموظفين المنحدرين من ولاية داخلت نواذيبو للتحضير للمهرجان...
هل يمكن التأريخ ابتداء من اليوم بأن آخر أقنعة السلطة الحالية تساقطت لتظهر على حقيقتها باعتبارها الامتداد الطبيعي لنظام ديكتاتوري كانت تعلن أنها جاءت لمحاربيه؟ أم أن الأمر يتعلق بحالة ارتباك لقيادات سياسية وأمنية تفتقر للتجربة، أمام ضغط متنام من قوى منسقية أحزاب المعارضة؟ وهل يمكن القول في الحالتين أن استراتيجية المعارضة قد نجحت حتى قبل تنظيم المسيرة؟
أقلام حرة