تعيش مدينة كيفه هذه الأيام أجواء حملة انتخابية لما بات يعرف بمهزلة الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 21 يونيو المقبل في ظروف وصفت بالباهتة عكست منطق الرفض الذي سلكته أحزاب المعارضة الحقيقية كخيار استراتيجي لا بديل عنه في سبيل انتخابات شفافة ونزيهة مبنية على مبدإ الحوار والتفاهم تجنب البلد مخاطر الانزلاق السياسي.
إن المتتبع للسياسة بهذه المدينة منذ نشأتها يلاحظ بجلاء أن الانتخابات بها هي الفرصة الذهبية التي تجدد فيها القبيلة سطوتها و سيطرتها كبديل عن الأحزاب السياسية بتشجيع ومباركة من النظام الحاكم من أجل بسط السيطرة على الشعوب المتخلفة مقابل تجويعها والتلاعب بمصالحها واختزالها في أشخاص قلائل يتم تأجيرهم لذلك الغرض (الوجهاء ) مادامت الدولة المدنية فاشلة في صد جبروت القبيلة ومجابهتها .
فبعد أسبوع من الجوقة الانتخابية هته التي لا يبدو لها أي أثر جدي كما هو حال الحملات الانتخابية المعروفة بهذه المدينة التي يطبعها الحماس والتنافس في مثل هذه المناسبات السياسية ، وقد بدا ذلك من خلال تمزيق بعض الصور المُلصقة وهجران المواطنين للمقرات الدعائية للمرشحين مما يعطي انطباعا عن لامبالاة كبيرة طبعت أجواء هذه المهزلة الانتخابية التي تحولت من منافسة حزبية إلى " حصرات " قبلية عديمة البرامج تعرض فيها كل قبيلة عضلاتها في وجه خصومها من القبائل الأخرى ، بعيدا عن المنافسة بالأفكار والبرامج والحوارات البناءة بين المترشحين .
وعند جولة بسيطة بين مقرات المترشحين سيلاحظ المرء بكل بساطة مدى الهجران الشعبي لهذه المقرات ، حيث يبدو الوضع هادئا ، أفراد قلائل مأجورين من طرف قبائلهم للبقاء تحت ظل تلك الخيام يتناولون الشاي في أحسن أحوالهم مرة واحدة خلال اليوم ، أما الغداء فيتم استجلابه من المنازل .
فلا حراك سياسي جدي باستثناء بعض المسرحيات الخالية من المضمون والمسماة " مبادرات " التي تقيمها بعض المجموعات والقبائل من أجل المحاباة وإظهار الولاء المزعوم والمعروف شعبيا ( باتصفاك) والذي بلغ ذروته في ظل النظام الحالي حيث أصبح فنا يتسابق الكثيرون فيه للتكسب المادي والزبائنية والتزلف ، في شكل يذكر بالعودة للنظام السابق ، ليبقى التنافس صامتا وأحاديا ، في حين أن الرهان والتحدي الأكبر سيكون مستوى الإقبال والمشاركة في الانتخابات في ساحلة التنافس الحقيقي بين المقاطعة والمشاركة .
أخيرا ومهما يكن فقد عادت كيفه 100 سنة إلى الوراء بانتصار القبيلة على القليل الذي شيد من الدولة.