لحراطين والبيظان: فرصة نادرة لتفادي ما لا تحمد عقباه
وكالة كيفة للأنباء

تقوم مجموعة معتبرة من لحراطين ، من سياسييهم و مثقفيهم و أطرهم و مناضليهم منذ سنة بدراسة وضعية البلد و تصور الكيفية التي يمكن لجميع مكوناته التعايش السلمي فيه ، دون إقصاء أو ظلم و مع النظر الفعلي والفعال لوضعية هذه الشريحة التي تعيشها أو يعيشها الكثير من أبنائها و التي لم يعد السكوت عنها مقبولا ، لا من طرف الدولة و لا من طرف المجتمع و الفاعلين فيه ، بل أصبحت وضعية حرجة تمس النسيج المكون للمجتمع وتماسكه و انسجامه ، و تهدد بالانزلاق إلى نتائج لا تحمد عقباها ..

هذه المجموعة هي من تشرف على الحراك المدني لهذه الشريحة و صياغة ميثاق الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة ، وفي سبيل رسم مسارها و إستراتيجيتها للحد من الحيف و الظلم الذي تعانيه هذه المكونة و الذي زاد من تجذره (إصرار الدولة الموريتانية الحديثة في المضي قدما فـي ممارساتها الراسخة والرامية كلها إلى إبقاء جماهير لحراطين تحت وطأة الفقر و الجهل والتهميش و حرمانها من المشاركة الفاعلة في الحياة الوطنية ) حسب بيان المجلس الوطني لمتابعة و توجيه و تفعيل ميثاق لحراطين .. هذه المقاربة التي ترجع المسؤولية الأساسية إلى الدولة التي لم تقم بالجهد الصحيح و لم تقم بالمشاريع البناءة لدمج لحراطين و الأرقاء السابقين ، بل لم تقف وقفة حازمة أمام حالات العبودية التي ما زالت تمارس أمام مرأى و مسمع الجميع ، و ما زالت القوانين الرادعة تطبق بخجل و عدم فعالية ، بل تحابي و تتجاهل الكثير من الجرائم خصوصا إذا طبقت من جهات قريبة من النظام أو داعمة له .

هذا الحراك يفرض على جميع الشعب الموريتاني و خصوصا مكونة البيظان عدة أمور لم يعد من الممكن التهاون بها أو السكوت عنها و إن لم يتداركوها في هذه الفترة و مع هذا التيار المعتدل الوطني و الخبير بتاريخ البلد و مجتمعة _ إن لم يتم تداركها فسيفقد المجتمع و الدولة فرصة ثمينة لراب الصدع و إشاعة الوئام و العدالة و المساواة ، و تحقيق الخطوة الأولى لتكوين و بناء دولة الحق و القانون التي هي الشرط الأساسي لنتعايش جنبا إلى جنب و نشيد صرح دولة تجمعنا و لا تفرقنا نتساوى فيها أمام الفرص و لا يغمط أحدنا حق أخيه ، و من جملة المسائل الضرورية لقيام هذه العدالة هي عدة نقاط منها ما قد قيم به فيجب دعمه و دفعه قدما و منها ما لم يقم به فيجب على الدولة إعطائه الأهمية و الأولية و انجازه في أقرب وقت ممكن ، من هذه النقاط:

1- وقف جميع حالات العبودية و معاقبة مرتكبيها و الضرب بيد من حديد على من يمارسها أو يحاول ممارستها سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة ، و فضح ممارسيها و المتسترين عليها ، لأنها وباء و مرض عضال و لا يوافق الشرع و لا الأخلاق الفاضلة و لا تقره الفطرة السليمة و صاحبه جاهل و عديم خلق و يمثل خطرا على المجتمع و على نسيجه يجب بتره و التخلص منه .

2- إصلاح عقاري يمكن الأرقاء السابقين من امتلاك الأرض التي طالما عمروا و كدحوا من أجل استصلاحها و فلاحتها ، و التي طالما أخذ غلتها أناس لا علاقة لهم بها حتى لا يعرفون مكانها ، و يجب تذليل العقبات التي تحول دون هذا الإصلاح العقاري مهما كانت و خصوصا سيطرة المتنفذين ملاك الأرض و العبيد السابقين و المتمترسين بولائهم للسلطة و اندفاعهم في دعمها و جمع الأصوات الانتخابية لها ن ما يحول دون مس مصالحهم التي ربما هددت مصالح الوطن و المواطنين .

3- مشاريع حيوية و تمويلات خاصة بهذه المكونة و خصوصا في مناطق مثلث الفقر و آدوابة و ليست كالمشاريع التي درجت الدولة على القيام بها و التي من عقدين لم تغير حالة هذه المنطقة و التي تعد خزانا انتخابيا مهما طالما استخدمته السلطة في أوقات الضيق الانتخابي ، و كما يعرف الجميع فمن أعطيته حريته و لم تعطه استقلالا اقتصاديا عن سيده السابق فلا يمكن له أن يمارس هذه الحرية و خصوصا إذا كان قد كبر في السن و فاته قطار الدراسة ، فهؤلاء يجب على الدولة أن تمول لهم مشاريع مدرة للدخل تمكنهم من إغناء أنفسهم و المساهمة في التنمية البشرية على مستوى الوطن كله .

4- التمييز الإيجابي : و هو حل يجب أن تشرف عليه الدولة و برضاء من جميع المكونات الأخرى فعدد الضباط من لحراطين و السفراء و الأساتذة و المهندسين و الأطباء لا يتناسب مع كثافتهم البشرية ، و لذلك يجب تخصيص دفعات خاصة بهم في هذه الكليات و الجامعات أو يمثلون 90% من الناجحين فيها ، و يجب أن تدعم الدولة هذا و تشرف عليه و أن تعطى لهم الأسبقية في المنح الدراسة و في الفرص حتى يقطعون شوطا مهما في سبيل أخذ فرصتهم التي طالما حرموا منها _ عن قصد أو عن غيره _ و التمييز الإيجابي معروف على مستوى العالم للشرائح و المكونات التي لم تأخذ حظها الكافي .. هذا إضافة إلى تحريم أعمال السخرة التي يقوم بها أبناء هؤلاء و تحول بينهم و الدراسة لإجبارهم على التمدرس و مواصلة الدراسة .

5- حملة وطنية يقوم بها العلماء و المثقفون و الوجهاء و الوزراء و الرئيس هدفها محاربة وباء العبودية و مخلفاته و جميع العادات السيئة المرتبطة به ، كما تعلي من شان المواطنة و المساواة و العدالة ، و توجه الدولة إلى إقامة مهرجانات و ندوات و مواسم كلها مخصصة لمكافحة هذه الظاهرة و الحض على شجب جميع انواع التمييز و التفرقة و العنصرية و تقوية اللحمة الوطنية و منعه النسيج الوطني بين جميع المكونات .

هذه الخطوات و خطوات أخرى قد يذكرها البعض هي الكفيلة بتجنيب البلد ما يهدده من تفرقة و عدم انسجام و عدم تآخي قد يهدد لحمته و يهدد مستقبله ، و هذه المقاربة هي ما تعمل عليها اللجان المشرفة على صياغة الميثاق الخاص بلحراطين ، و لكن صراحة لا يمكن أن ينجحوا في هذا الجهد ما لم يدعمهم المثقفون و العلماء و الأطر من البيظان لأن القضية قضية وطن ما يهدد شريحة يهدد الأخرى بالضرورة ، و لأنه لا يمكن أن تعيش مكونة دون المكونات الأخرى و لا تنمية لإحداهن دون الأخرى ، و لذلك فميثاق لحراطين يعني البيظان بالدرجة الأولى ولا يمكن نجاح هذه المجموعة دون أن ندعمها و نشد على أزرها بدعم خطابها و الخروج معها في المسيرة التي تنوي تنظيمها ، حتى نتجاوز جميعا خطاب الكراهية الذي يؤججه البعض لأغراضه السياسية و مصالحه الضيقة ، و لم يحقق القيمون عليه أي شيء لهذه الطبقات الفقيرة سوى حملات التحرير الكرنفالية التي يقومون بها لبعض العبيد و يسوقونها للخارج أكثر من المعنيين بها ، بل إنهم يهتمون بالسياسة أكثر من الحقوق المدنية ، و يريدون إقامة دعاية سياسية ، ستزيد الهوة بين مكونات الوطن ، متناسين أن من يريد قيادة وطن يقود الجميع و من يريد البناء لا يهدم .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2014-04-22 01:16:29
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article6468.html