سؤال وارد وفي الصميم تطرحه حين تتربع أمام الشاشة الصغيرة غير أبث بما يثار من حقائق حينا وشائعات أحيانا أخرى عما يدور وراء كواليس تنظيم مهرجان المدن القديمة من حاجة في نفس يعقوب كمغازلة ود الناخب في كسب الاستحقاقات الانتخابية , ونيل مناصب سياسية خصوصا في هذه الفترة ونحن على أبواب الانتخابات الرئاسية .
حين تجلس أمام الشاشة وأنت الذي استبدت بك الدعايات والخطابات الجوفاء كنفض الغبار عن تاريخنا المجيد ورد الاعتبار لمجد الآباء والأجداد , وتتابع البث الحي والمباشر لفعاليات مهرجان المدن القديمة في نسخته الرابعة ) مهرجان ولاته ( على شاشة التلفزة الوطنية , وتحاول أن تقرأ قراءة متأنية من خلالها تراثنا المجيد وعبقرية أجدادنا الميامين وتضحياتهم ستدرك أن تراثنا يقتصر فقط على : سهرات ليلية تحت ضوء القمر حين يعانق رمال الصحراء الذهبية بعد أن يرخي الليل سدوله على الساكنة هناك في أرضنا الحبيبة , وتتخلل تلك السهرات رقصات فلكلورية تارة تكون على أوتار اللتدنيت أو آردين أو الربابة أو على قرع الدفوف والاستماع إلى أغاني ممزوجة بلغة المستعمر إن لم تستبد بها ونساء ورجال يتقاربون ويتراقصون وقد استبدت بهم نشوة السمر والتفاعل مع الأداء الموسيقي بكل أشكاله .
وفي الصباح وبعد أن تطلق الشمس أشعتها الدافئة على رمال الصحراء القاحلة الوعرة المسالك القاسية المناخ تتجه الساكنة إلى تله هناك, لتتنافس على ما يعرف بالرماية التقليدية.كؤوس تنصب بعيدا لتحطم برصاصات, لا أريد أن أقول صديقة فتذهب أذن السامع بعيدا فتتذكر الرصاصة الصديقة.
وينفض الجمهور ويودعنا المقدم وفريق العمل التلفزيوني على أمل اللقاء بنا في ليلة أخرى من ليالي المهرجان , دون أن نلقي نظرة على تراث فطاحلة العلماء وعباقرة الأدب وأبات الضيم هناك وما سطرته أناملهم من كتب وأشعار ودون أنفتش في رفوف المكاتب الزاخرة بأنواع المخطوطات النادرة والكتب الثمينة , ودون أن نعرج قليلا على دورهم في نشر الرسالة الخالدة ومساهمتهم الكبيرة في رفع رصيد الأمة المعرفي والثقافي في شرق وغرب إفريقيا ,من بلاد شنقيط مرورا بأرض القيروان وصولا إلى السودان ومصر .
فهل يا ترى يكون تراث الشناقطة وأبناء الدولة المرابطية مجرد رقصات ليلية ومسابقات في الرماية التقليدية وزيارة معارض لصناعة الجلود ومستلزمات الجياد ,والسمة البارزة لها هي التباكي على الأطلال من عاشق لها يود تجاوزها إلى غيرها ولا يرغب في عودتها ثانيا ؟
وهل يراد لنا أن نفهم أن تراثنا يتسم بالخلاعة والمجون بعيدا عن رباعية التضحية والعلم والتصوف والزهد , وبالتالي فلا مشكلة لدينا أن نقلد الغرب في حضارته الصاخبة الماجنة مادامت جدونا في الثقافة متقاربة ؟
أم أن الأمر أبسط من محاولات التنظير؟
بقلم : إطول عمرو سيدي الصيام