وثيقة لحراطـــــــــين : ضرب بعرض الحائط أم رمي في سلة المهملات؟
وكالة كيفة للأنباء

منذ شهور خلت و تحديدا في شهر ابريل من السنة التي تكاد تنقضي أحتضنت دار الشباب القديمة بين جدرانها المتهالكة مولد وثيقة تشخيصية للواقع المر الذي ترزح تحت نيره شريحة ـ لحراطـــــــــــــين ـ الأكثر كثافة ديموغرافية داخل البنية الإجتماعية الموريتانية , وقد أهتمت الوثيقة المذكورة بكل صغيرة و كبيرة يعاني منها أفراد هذه الشريحة المطحونة و التي تمثل ما يقارب 50 % من الحجم الإجمالي للسكان حسب نفس الوثيقة . شهر أبريل كان شاهد زمنيا على تقديم وثيقة لحراطـــــــــــــين للرأي العام من على مدرجات دار الشباب القديمة بحضور جمع من أبرز رموز لحراطــــــــــين الوطنيين, منهم على سبيل المثال لا الحصر : ( رئيس حركة إيرا الإنعتـــــــــــاقية بــــيرام ولد أعبيدي المتــــــــــــــــــــوج مؤخرا بجائزة من الأمم المتحدة لدفاعه عن حقوق الإنسان الموريتاني ـ العبيد في غالبية الحالات ـ , بالإضافة إلى رئيس منظمة نجدة العبيد أبـــــــــوبكر ولد مسعود و القيادي في حركة الحر الســــــــــاموري ولد بي و البرلمانيتين المــــــــــعلومة من بلال و مــــــــــــريم منت بلال و كوكبة من أطر و مثقفي هذه الشريحة المطحونة منذ الأزل).

ما فتأت دار الشباب تودع آخر الحاضرين لتوقيع الوثيقة حتى بدأت وسائل إعلامنا المحلية بممارسة مناوراتها التقليدية الساعية إلى طمس الحقائق و إستمرارية تعميق الهوة بين مكونات المجتمع الموريتاني كذا عرض أكتافها الإعلامية متخذة لذالك منابر ليلة أجبرت المواطن الموريتاني عموما و الحرطـــاني خصوصا على التسمر أمام شاشة التلفاز أياما و ليال متتالية قصد الإطلاع بصيص أمل قد يحمله معه أحد المتحدثين , ليجبر في الأخير على مشاهدة ما يشبه المناورات السياسية و الحقوقية , إذ قل وجود الطرح الموضوعي و التشخيص الواقعي للأمور إلا في تارات قليلة حيث كانت قد ظهرت فئة تطرح بشكل يتسم بشيء من الموضوعية و إن شابته شوائب النفاق و العهر السياسي , و لكن الحقيقة المرة هي أن شكر النظام الحاكم و التغني بإسم الرئيس كان هو السمة الأبرز و كأن المشكل المطروح للنقاش إعلاميا هو قضية سياسية تخص النظام و أغلبيته , كما و قد لوحظ وجود متهرطقين وصل بهم الأمر إلى حد الثناء على الرئيس الجنرال بإعطائه رتبتين دفعة واحدة إحداهما رتبة علامة و الأخرى هي رتبة دكتور في علم النفس , ثم أنه كانت هناك فئة أختلطت عليها بعض الوقائع و الأحداث التاريخية في حين عجز آخرون عن القيام بعمليات حسابية دقيقة, أما العنصر النسائي فمن جهته كان قد أثبت هو الآخر مهارة غير معتادة في التغنى و التغزل بفخامة الرئيس الجنرال.

أما الدولة فقد كانت ردة فعلها كما هي العادة حلول ظرفية تمثلت هذه المرة في إنشاء ما أسمته ب ـ وكالة التضامن من أجل محاربة مخلفات الرق ـ إلا أنه رغم التضخيم الإعلامي للوكالة المذكورة فإن وكالة التضامن هذه لم تتعدى مقرا هو عبارة عن بناية في إحدى المناطق الراقية في العاصمة , و طاقم متهالك يمكن حسابته بالأصابع .

نظرا لأهمية القضاء على الرق و على كافة مخلفاته و بحكم التناسي أو التجاهل لمعطيات تلك الوثيقة التشخيصية لواقع شريحة عانت الظلم , الإقصاء, التهميش و الغبن فمن المحتمل أن يتسائل أحدهم : ما هي أهمية تلك الوثيقة الإحصائية؟ و ما القرض الأصلي و الأساسي منها و من ظهورها في تلك الفترة ؟ما مدى تعاطي الرأي العام مع معطيات وثيقة لحراطين تلك ؟ و هل ستستفيد منها الدولة كمرجع إحصائي معتمد لواقع أكثر الشرائح المحلية كثافة سكانية ؟ و كيف ستتماشي مطالبات معدو الوثيقة مع تلك الإتفاقيات الدولية التي تقوم الدولة بتوقيها بشكل متزايد و بدون مراعاة لانعكاساتها على واقع الشرائح المسحوقة على وجه العموم و لحراطين على وجه الخصوص؟ أم أن تلك الوثقية تم نسيانها و طي صفحاتها قبل رميها في سلة المهملات ؟ لماذا أكتفى رموز و قادة لحراطين بعرض تلك الوريقات القليلة على شاشات التلفاز و تلاوة معطياتها على مسامع من لا يفهم سوى الغزل السياسي ؟ و متى يا ترى ستلوح لنا في الأفق بوادر إرادة جادة للحد من الإقصاء المتنامي و التهميش المتعمد لأفراد هذه الشريحة ؟

من المؤكد أن الأجوبة على هذه الأسئلة ربما تتطلب أدمغة شبه أينشتاينية لفك شفرة الصمت المطبق على كل ما يخص هذه الوثيقة , و عدم الخوض في تفاصيلها أو التعاطي معها , و لكن الشيء الأكثر تأكيدا هو أنه رغم أن المرجفون أعتادوا إعطاء معطيات مغلوطة عن حالة الفقراء و المحرمين للمنظمات الدولية المهتمة بإعداد و دعم و تمويل المشاريع التنموية إلا أن الأمر المفرح و ربما المطمإن يبقى أنه بظهور وثيقة لحراطين يمكن الحديث عن خدمة مجانية تم تقديمها لهؤلاء و كل ما عليهم هو الإستفادة منها فتلك الوثيقة المذكورة كما سبق ذكره آنفا تحتوي كل المعطيات عن الحالة الديموغرافية , الإجتماعية و الإقتصادية لشريحة لحراطين المطحونة و المسحوقة على كافة الأصعدة.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2013-12-14 02:29:36
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article5218.html