كانت القبيلة في أرض السيبة يقودها شخص غالبا يلبس صفات حميدة قد يعز نظيرها في بني جلدته من نسب وعلم وفروسية ومال وسخاء فيكون له القبول و التسليم في الطاعة بين اقرانه لعظم منافعه وجم فوائده .
فعمل جل العسكر اليوم على نفخ الروح في جسدها من جديد وتشويهه. بعدما هذبه حكم المدنيين وطوعه برهة من الزمن حكم العسكريين لصالح الدولة الحديثة. فبعثه العسكرعن قصد جسدا مشوها له عدة رؤوس صالحة نرجوها وطالحة عارية من النور الذي كان في أسلافهم، فهذه الرؤوس مصطنعة غالبا في كواليس الطابور الخامس تحت الضغط بسبب عطاء المال الفاسد وزهو الجاه ورونق الشهرة و في حكم معاوية عبرة حيث حلوا محل الأحزاب . وهي رؤوس مزجاة لا يريد منها العسكر إلا التطاحن و التنافر داخل جوف القبيلة حتى يخنق هؤلاء الرؤوس كل صوت حر ويبتروا كل غصن مثمر يحمل هموم الأمة فينشغل أفرادها عن الشأن العام. و لا يريد منهم العسكر إلا التسبيح و التهليل بحمده. ولا يطمع فيهم إلا النفاق و الميوعة والتصفيق لكل ناعق و إمعة لكل قادم .ولا يريد منهم العسكر إلا أن تكون صلاتهم هي الدعاء له من أجل الدوام على الكرسي .وزكاتهم هي تحصيل الاصوات له حقا وزورا يوم الاقتراع ، وأن يكون صومهم هو الإمساك عن معارضته ، وأن تكون كلمة الإخلاص لديهم هي الشهادة والتصديق بكل ما يهذي به غدا في البرلمان .فهؤلاء الرؤوس لا يريد منهم العسكر إلا صحوة كصحوات العراق تميت النخوة وتطفئ الفتوة وتبيع العرض بعرض من الدنيا ، بل و لا يريد منهم العسكر إلا أن يرضوا بأنة المرضى وصرخة الجوعى وخذلان المظلومين .هذه الرؤوس المزجاة فيهم من هادن كما أريد منه ومنهم من نافح عن العسكر حتى لفظ ومقت، ومنهم من ناضل حينا واسترخى فتارة يجاريهم في بيت الطاعة وتارة يباريهم في صف المعارضة.فالآن عز أن تجد لائحة في الحزب الحاكم وتوابعه لها من شغل إلا عزف وتر القبلية ونعراتها ونبش الطائفية وعنصريتها وتكريس الجهوية وانطوائيتها .
فلأول مرة سيكون الصراع بين شيوخ القبائل على لوائح الانتخابات، و لأول مرة سيشتبه على العامي شعار الحزب و(تمجيدة) قبيلة مرشحه على اللائحة .ولأول مرة سيعرف القاصي و الداني عدد كل قبيلة وحدود انتشارها من خلال صناديق الاقتراع ولأول مرة تتم صوملة البرلمان الموريتاني . ولأول مرة نستشعر غياب الدولة وكيانها مما يهدد السلم الاجتماعي ، ولأول مرة نترحم على حكم عسكري حكم هيدالة.
فنرجو الله أن يكون من بين هؤلاء الرؤوس المزجاة على لوائح الحزب الحاكم وتوابعه نفوس أبية وهمم عالية عصية على الطغاة تستشعر خطر الصوملة وإهمال الشأن العام وتخيب ظن العسكر فيهم !!!