لاجدال في المكانة العلمية السامقة للشيخ الجليل عبد الله ولد بيه، فهو واحد من علماء المسلمين القلائل الذين تبحروا في علوم الدين، وكان لهم الفضل في معالجة القضايا المعاصرة من منظور إسلامي..
ويكفي أن الرجل اسس مركز التجديد والترشيد،الذي يتخذ من العاصمة البريطانية مقرا له، وعلى يديه اسلم عدد غير قليل من النصارى وغيرهم، كما أنه رفد المكتبة الإسلامية بعشرات المؤلفات..
لذلك فإن استقالته اليوم من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو الشخصية الثانية في هذه الهيئة، إذ يشغل النائب الأول للرئيس، لها أكثر من دلالة..
ولاشك أن الرجل وهو العارف بخفايا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد لاحظ منذ مدة انغماس هذه الهيئة في تشجيع الصراعات المذهبية والطائفية، بين المسلمين، وركوبها موجة ما يسمى الربيع العربي، لدرجة باتت فيها تفرش السجاد الأحمر للغزاة إلى ديار المسلمين..
وغني عن القول إن ولد بيه من طينة العلماء العاملين الذين يسعون للوحدة بدل الفرقة وإلى السلام بدل الحرب وإلى إصلاح ذات البين بدل الشقاق والفرقة..
وهي كلها مبادئ كان ينبغي أن تكون منطلقا لعمل الاتحاد العالمي، لكن قلة من أعضاء الاتحاد اختطفوا القرار السياسي للهيئة، وهذا ما انعكس على الروح الجماعية للعلماء، ومن تابع مسار الاتحاد خلال السنوات القليلة الماضية يلاحظ عزوف ولد بية عن الخوض في الشأن السياسي المتعلق بالربيع العربي، خاصة وأنه اعترض على فتاوى القتل والتحريض والتكفير التي صدرت عن الشيخ القرضاوي والدوو أكثر من مرة..
ويبدو أنه يئس من إصلاح هذه المؤسسة الدينية التي انحرفت كثيرا عن مسارها فقرر النجاة بنفسه، وتبرئة ذمته من كل ما يتركب تحتها من جرائم باسم الدين وما هي من الدين..
آتلانتيك مديا