تطلع الموريتانيون عموما وأهالي الحوض الشرقي خصوصا لزيارة فخامة الرئيس وما ستسفر عنه من أمور قد تساعد في حلحلة الأوضاع المعقدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا .
فكانت النتائج مخيبة للآمال بكل المقاييس ، تحدث فخامته عن الكثير من الأرقام التي نسجتها أخيلة مستشاريه الخصبة ، مئات المليارات ، آلاف الملايين ، فكل الموجود – إن وجد – مفقود قبل تولي فخامته مقاليد الأمور .
لم يتحدث سيادته عن حل للأزمة السياسية ولم يقدم مقترحا واحدا لتجاوزها ولم يساهم حتى بإعلان نيته المشاركة في ذلك. أفكار قديمة جديدة متجددة من قبيل توسيع اللجنة المستقلة للانتخابات وإنشاء مرصد مستقل لمراقبتها .
وعود علي الأرقام هب أننا سيدي الرئيس اتفقنا علي أن ألارقام حقيقة واقعية فلماذا لا تنعكس علي معاش المواطن اليومي الذي يصرف 2200 أوقية لشراء كيلوغرام اللحم ، 300 أوقية لشراء كيلوغرام الأرز ،2000 أوقية لشراء كيلوغرام السمك ،600 أوقية لشراء كيلوغرام الطماطم ،700 أوقية لشراء كيلوغرام الجزر ،12000 أوقية تذكرة نقل للمسافر إلي النعمة مع إنفاق 8000 أوقية علي الأقل خلال مسيرته واللائحة تطول .
هذه الأرقام عبر عنها أهالي الحوض الشرقي أمام عدسات القنوات الوطنية الحرة ، فقد شكروا فخامة الرئيس وعبروا عن سعادتهم لقدومه الميمون وتمنوا له النجاح وطول العمر كما عبروا في تناقض مضحك عن امتعاضهم من الواقع المعيشي المر حيث انعدم اللحم والأرز والسمك والخضار والماء والكهرباء و وغابت الصحة و فشل التعليم و وتصاعدت أسعارالنقل ، عبروا تماما بهذه الألفاظ وختموا بتمجيد الرئيس وشكره علي ما أتاهم من خير وفير .
لم يعرف سكان الحوض الشرقي ولا المناطق الشرقية بصفة عامة من الدولة إلا ذكرها فلم تقدم موريتانيا منذ استقلالها مشروعا تنمويا حقيقيا لهذه المنطقة غير مشروع طريق الأمل فلولاه لما عرفوا الدولة ولاسمعوا بها .
إن هذه المنطقة هي الضامن الوحيد لمادتي اللحم واللبن من خلال ثروتها الحيوانية المتنوعة والهائلة وبها تنتشر الأراضي الصالحة للزراعة كما تنتشر فيها واحات النخيل وتحوي معالم سياحية ومدنا أثرية ومع كل ذلك عاشت هذه المنطقة أشكالا لا نظير لها من التهميش ومن كل الأنظمة المتعاقبة ومع ظهور ما يسمي بالديمقراطية اعتبرها كل الرؤساء خزانا انتخابيا لا غير يجتاز به عتبة الإقتراع ويقطع به دابر معارضيه وعند الفوز يولي ظهره لهذه القوة الناخبة التي انتهت صلاحيتها . ( كما عبر أحد الرؤساء عن ذلك صراحة وأمام الملأ ) .
أثناء الحملات الإنتخابية يزور مرشحوا الرئاسة المنطقة الشرقية فيغرقونها بالمواعيد العرقوبية ومنهم من يبدأ حملته من هناك من النعمة وكأن ذلك هو منتهي كل شيء .
عند نهاية الحملات وفوز الرئيس يقوم إرضاء لأهالي المنطقة ووفاء للعهود التي قطعها علي نفسه بتعيين فلان أو علان من الوجوه القبيحة التي لا هم لها إلا ما سقط من فتات أو سقط متاع تجمعه في الدنيا لينقلب عليها جهنما في الأخرة .
لن يجني سكان الحوض الشرقي ولا غيرهم من ساكنة الشرق إلا ما جنوا من قبل : لا مصانع لمعالجة اللحوم والألبان ولا مزارع نموذجية ولا مؤسسات تعليمية رائدة رغم المشروع المتعثر لجامعة لعيون ومدرستي الصحة بكيفة والنعمة حديثتي النشأة .
المستشفيات الجهوية بهذه المنطقة تفتقد الكادر الطبي وتختفي منها جميع التخصصات لكنها ولحسن الحظ تمتلك سيارات إسعاف تقض مضاجع القرى المتواجدة علي طريق الأمل بصفارات إنذارها جيئة وذهابا وهي تحمل المرضي إلي المستشفي الوطني ليستقر بهم المطاف في مقابر العاصمة .
المنطقة الشرقية محرومة من خدمة الماء والكهرباء ، محرومة من دخول شركات التنقيب إليها ، محرومة من الطرق فجل مقاطعاتها معزولة .
التجمعات السكنية محرومة من كل مقومات الحياة حتى تلك التي باركت الدولة إنشاءها ووعدت بتحسين الظروف فيها كما هو الحال مع تجمع" ترمسة" الذي لم يحظ بأي من ما وعد به ولو حظي بأبسط اهتمام لجعلت منه الدولة مركزا إداريا كما حدث مع تجمع أخر أقل كثافة حاز أكبر اهتمام واعتمد مقاطعة .
في هذه الزيارة – زيارة لقاء الشعب – تم وضع الحجر الأساس لمشاريع لن تلبث أن تكون سرابا شأنها شأن مشروع مطار النعمة الدولي . فلا يراد منها إلا أن تكون عناوين لنشرات الأخبار المسائية للإذاعة والتلفزة الرسميتين فنحن علي أبواب انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية وإن بعد حين.