جسر باماكو والأزمات الثلاث/ محمد المنير
وكالة كيفة للأنباء

التي تحتاجها البلاد ؟ أين تنويع الاقتصاد الوطني الذي طالما انتظرناه؟ أين الاكتفاء الذاتي ؟ أين عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب الذين أجبروا اليوم على النزوح إلى منفى جماعي؟ أين آلاف وحدات السكن الاجتماعي التي تعهد بها الرئيس في حملته الانتخابية ؟ هـل انخفضت الأرقـام الفلكية لوفيات الرضع والأمهات ؟ كـم عدد المواطنين الذين حصلوا على الماء والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم الجيد على مدى السنوات الخمس الماضية؟ أين وصلت حالات مئات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر؟ هذه هي الأولويات الملحة التي كان على النظام ونخبه الافتخار بإنجازها.

أزمة نخب

نحن نعيش أصعب معادلة، لأن لدينا أزمة نخب، ولاء أغلبها لم يكن أبدا للدولة ولا لمؤسساتها. ظاهرة أنتجت مشكلة وعي ومشكلة حكامة و حتى مشكلة وجود دولة و بسط سلطتها. فقد أظهرت ممارسة السلطة منذ عقود قدرة غير عادية لدى كثير من النخب على المزايدة والمنافسة في الولاء للحاكم، والاستماتة في خدمته، وتلميع وتضخيم إنجازاته المتواضعة، بدلا من خدمة الشعب والدولة ومؤسساتها. حتى عندما ينحرف الحاكم عن الطريق الصحيح، تنحرف هذه النخب بدورها ولا تحاول تصحيح المسار أو حتى الحد من الانحراف. بل تدعم هذا الانحراف وتصفق له وتحاول الاستفادة منه، عن طريق تعطيل الدور الرقابي لمؤسسات الدولة وتسخير الإدارة وسياساتها الاقتصادية والمالية والجبائية لنزوات الحاكم.

غالبية النخب التي أوكلت إليها تنمية البلد، وكلفت بتنفيذ سياسات الدولة وتسيير مواردها لا تملك نية للإصلاح، ولا رؤية لإحداث نقلة نوعية للبلد، ولا تصورا تنمويا لمواجهة التحديات. هي نخب مصطنعة، بمفهوم أنها مصنوعة من طرف النظام، لذلك لا تستحق أن تكون نخبا، ولا أن تتحمل مسؤولية تسيير، فلم تبذل مجهودا مهنيا ولا تتمتع في أغلب الأحيان بتكوين فكري أو سياسي.

لقد حان الوقت للخروج من هذه المعادلة بالسعي إلى ترسيخ ثقافة الولاء للدولة الذي يمر عبر بناء مؤسسات قوية و مستقلة تضمن عدم تكرار أي انحراف أو أي استبداد. لا بد من تأسيس نخبة بديلة، ليس فقط عبر وجوه جديدة، وإنما عبر من يحمل أفكارا وقيما بديلة. نحتاج قطيعة مع هذه النخب التي ساهمت في بناء الفساد والتي ما دامت موجودة لا أمل في التغيير، لأنها، باختصار، غير قادرة على أن تنتج شيئا مختلفا. فمثل هذه النخب لا يبني دولة ولا وطنا.

————

محمد المنير دكتور في العلوم السياسية موظف سابق لدى الأمم المتحدة


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2024-03-14 04:55:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article39079.html