لا توجد رياح مواتية لسفينة بلا وجهة ......
قرية النظام جزء من بلدية گلير إحدى البلديات الثمان التابعة لمقاطعة باركيول اختار لها الرعيل الأول اسما جميلا وقد انفردت بهذا الاسم تميزا وقبولا في فترة التأسيس ولا تزال حتى الان، نظرا لما يطبع سلوك ساكنة البلد بأكمله من الفوضى وعدم النظام...
امتازت النظام بكونها ملاذا لمن تتعطل سياراتهم في المنطقة فضلا عن التائهين من أبناء المنطقة قبل وجود الطريق المعبد فقد كانت السيارات تسير على خطوط وهمية تتفرع كثيرا لوجهات مختلفة فتسبب ضياعا للمسافرين في آفطوط حيث يتفانى سكان النظام فى سقيهم وضيافتهم والترحيب بهم وارشادهم للوجهة الصحيحة للطريق ويعرف ذلك من لا يزال حيا من سكان مناطق لبحير ولعويسي وباركيول وقد كنا نحن تلاميذ بلدية باركيول المركزية في المرحلة الإعدادية في تلك الفترات شاهدين على ذلك فقد أنقذنا سكان النظام مرارا بعد أن كدنا نموت من العطش والجوع ونحن قادمين من كيفة بعد عام دراسي شديد الحرارة.
سكن هذه القرية الوديعة رجال من علية القوم أسأل الله العلي العظيم لهم الرحمة والمغفرة وتركوا فيها أفضل خلف لخير سلف.
حرص سكان قرية النظام على تعليم أبنائهم فشيدوا هذه الحجرات الموضحة في الصورة المرفقة ليدرس فيها الصغار ممن لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة البعيدة نسبيا فى گلير وانتظروا أن يخصص لهم معلم من مدرسة البلدية ليقوم بهذا الدور متكفلين بكل ما يلزم حتى يؤدي هذا المعلم دوره كاملا وحتى يتجاوز الصغار هذه المرحلة ويصبحوا قادرين على الالتحاق بنظرائهم في المدرسة الأم.
أحد أبناء القرية مقيم في الخارج حاول في العام الماضي بمجهوده الخاص توفير معلم من العاصمة نواكشوط براتب واستمر في تدريس التلاميذ حتى شهر مايو لكنه غادر ولم يستمر.
المفارقة العجيبة هي أن نائب المقاطعة يذهب بعيدا في أحلامه ويطالب في البرلمان بأن يصبح باركيول ولاية باسم آفطوط وبغض الطرف عن مطلب صغير يتمثل في توفير معلم واحد لقرية النظام التي سيضيع مستقبل أبنائها في فترة المدرسة الجمهورية التي يتبناها النظام الحالي.
يحدث هذا لسكان قرية النظام في وجود عمدة منتخب لبلدية گلير يرى في سكان النظام خصوما سياسيين في بلدية ريفية تفتقر لكل مقومات الحياة ونائب برلماني منتخب عاجز عن تلبية نداء من منحه صوته في الانتخابات.
فمن سينتصر للنظام بعد هذه الفترة بالذات وفي ظل وجود وزير للتعليم ومكلف بمهمة في نفس الوزارة ورئيس للجهة ونائب وعمدة ينتمون جميعا لنفس المكون الاجتماعي القاطن لهذه القرية؟ أم أن أهل النظام أدركوا أنه لا توجد رياح مواتية لسفينة بلا وجهة.
الدكتور / الحسن احمد طالب - استاذ جامعي