يحكى أن أحد عملاء الغرب استطاع أن يصل إلى دفة رئاسة الوزراء في يوغسلافيا قبل انهيارها، فكان أمر الأسياد له بكل بساطة تعيين الشخص المناسب في مكان غير مناسب، وبعد أمد قصير انهارت الإمبراطورية.
فهذه المقولة مع وجود الفارق تتجلى في بعض وزرائنا كوزير التعليم الأساسي الذي يتقن ثلاث لوغ (العربية و الفرنسية والانكليزية)،وله شهادة عليا في الاقتصاد، وله عدة دورات تكوينية في تونس والقاهرة، فهذه الخبرة العالية التي محلها إدارة المال و الأعمال، ووزارة الاتصال، أهدرت هذه الطاقة وبددت وجعلت على رأس التعليم الأساسي، الذي لا يفقه من همومه بسبب غياب الخبرة إلا قدر ما يسمع ويقرأ عنه في الشاشة والصحافة . كأن حال النظام يقول إن قدما وطئت فراش اليهود، ويدا آكلتهم، ووجها عانقهم، حري منا أن لا نرى منه إلا الفساد و لا نسمع منه النصح والرشاد وتحت إكراهات الحملة الانتخابية المقبلة و شحناه على التعليم ليجهز عليه .
وهذا نصح وارد على علاته .إلا أننا نحن أبناء الوطن ننتظر من وزيرنا الجرأة و الاعتزاز بالنفس، و أن يعلنها صراحة أمام الملإ وبمناسبة زيارته الاستطلاعية لولايات الوطن أن يعلن عن اعتذاره لكل موريتاني غيور على عرض الوطن حين جرح مشاعره بكبوة انخراطه في العمل بسفارة اليهود.
و أن يطالب بصياغة البرامج وروحها في المدارس الابتدائية حتى تكون مستمدة من ديننا الحنيف، و أن يغار للغة العربية ويعيد كرامتها في المواد العليمة.
بل وننتظر منه في مدة مأموريته التي لا تزيد على أشهر الحملة أن يصل ليله بنهاره بالبحث والتفتيش عن معوقات التعليم في مصادره البشرية، التي بعضها مختف ونصفها مفرغ والباقي في الميدان، يعاني هشاشة البنى التحتية وذوبان الروح المعنوية ، وأن يفتش عن اختلالات البرامج التي لا تنبت إلا تائها بلا هوية، ولا تثمر إلا حائرا بلا عقيدة .
فحينئذ يا سيادة الوزير تتبع السيئة بالحسنة فتمحها،حينئذ يصفق لك الشعب، ويذكرك التاريخ ،وتخيب ظن من أراد أن يستهلكك في الحملة ويقيلك .