تشير كل الدلائل المتوفرة حتى الساعة إلى أن ثورة عمال الجرنالية والتي سطروا فيها أروع البطولات اليوم الثلاثاء ستشكل نهاية مأساوية لحلم الإداري المدير العام محمد عبد الله ولد أوداع، بالاستمرار على رأس عرش عملاق الحديد الموريتاني شركة اسنيم، تلك النهاية التي كان أكثر المراقبين يعتقدون أنها ستحل مع انتهاء الانتخابات البلدية والنيابية القادمة.
ولد أوداعه: البراغماتي... الحالم
ينتمي الإداري المدير العام لشركة اسنيم لأسرة طيبة من سكان بلدية اغشوركيت التابعة بمقاطعة ألاك، وهو خريج مدرسة المعادن بالرباط بتقدير متوسط، عمل في شركة اسنيم كمهندس في تسعينيات القرن الماضي، غير أنه لم يستطع التقدم بسرعة داخل الشركة لوجود كوادر وإداريين عجز عن مجاراتهم لضعف المستوى العلمي لديه مما جعله ينسحب من الشركة ملتحقا بامبراطورية ولد بوعماتو الذي سلمه كأحد رجالاته لولد عبد العزيز، ولما خاض ولد عبد العزيز صراعه مع الرئيس الشرعي آنذاك سيد محمد ولد الشيخ عبد الله، وجد في ولد أوداع حليفا يضرب به الأخير في معقله التقليدي، فسلمه وزارة المعادن ولما فشل في إدارتها سلمه شركة اسنيم على طبق من ذهب لتتكرر مأساة ولد أوداع مع الفشل مرة بعد مرة.
هذا على المستوى المهني أما على المستوى السياسي، فيجمع المراقبون للساحة السياسية في ألاك أن الحلف الذي يتزعمه ولد أوداع هو اضعف الأحلاف السياسية في ألاك وبشهادة تقارير من الإدارة الإقليمية والدرك الوطني في ألاك فإن الحزب الحاكم سيواجه معركة شديدة مع المعارضة بجميع أصنافها وأقواها حلف القيادي في حزب عادل سيد امين ولد أحمد شل، وحتى داخل الحزب الحاكم هناك حلفان سياسيان أحدهما بقيادة أهل الشيخ القاظي وأهل الشيخ المصطفى وهو الأقوى محليا ويتلقى دعما سياسيا من الجنرال ولد مكت، وأما الحلف الآخر فهو حلف ولد أوداع و لا يمتلك سوى القيادات الكرتونية المحلية للحزب الحاكم والتي عينها ولد أوداع شخصيا، وهذا الحلف يجمع المراقبون أنه سيتلقى الضربة القاضية في الانتخابات القادمة.
ثورة ازويرات الثانية .. تقضي على أحلام ولد أوداع
مرة أخرى تثور المدينة العمالية النائية من جديد ولذات الأسباب فلقد ثار عمال ميفارما عام 1968 بسبب الظلم والتهميش الذي مارسته الشركة على عمالها الموريتانيين، وحسب شهادة رئيس مركز افديرك، آنذاك محفوظ ولد ببوط، فإنه ينبغي البحث عن سبب التحرك العمالي "في المظالم التي يعيشها العمال منذ فترة طويلة والتي جعلتهم يفقدون الثقة في السلطات الإدارية التي لم يعد لها وجود فعلي إلى جانب شركة ميفرما " تلك الثور التي خلفت ثمانية قتلى من أشهرهم (صمب عبدولاي واعل ولد ميه ومحمد المختار ولد جدو) وعشرات الجرحى وسطرها الشعراء الشباب آنذاك وعلى رأسهم العميد أحمدو ولد عبد القادر بقصائد رائعة إحداها على لسان أم أحد أحد قتلى الثورة:
مختار يا رجل البلاد .... مختار يا بدر السنين
ماذا دهاك وأي شيء .... قلته للائمــين
نطق المدافع ضدنا .... في صالح المستعمرين
في يوم الثلاثاء 28/05/2013 وبعد ما أمعن ولد أوداع في ظلمه وغيه ضد عمال الجرنالية في شركة اسنيم والذين يتعرضون لأبشع الظلم من قبل رجال أعمال يتحالف معهم ولد أوداع في انتهاك صارخ لجميع قوانين الشغل في الكرة الأرضية، هب العمال من جديد للتضحية لنيل حقوقهم، في مشهد رباني مهيب، وفي لحظة عابرة من الزمن اندحرت دولة أوداع وأحمدو بمب ولد باية، وتم اللجوء للجيش الذي امن السوق ومقار الشركة قبل أن ينسحب الثوار إلى معقلهم في خيام الإضراب بشكل سلمي.
وتشير الأنباء الواردة من هناك أن ولد أوداع سارع لتأجير طائرة بملايين الأوقية لتوصله إلى ازويرات قبل أن يلتحق به الوالي ووزير الداخلية اللذين كانا موجودين في أطار، وأن الجو العام يتجه نحو الحلحلة مع عمال الجرنالية عبر إقالة ولد أوداع أوالوالي وعبر الاتجاه نحو حل شركات المقاولة من الباطن التي اغتنى منها رجال أعمال بالإضافة لولد أواداع على حساب المئات من عمال الشركة البسطاء.