حين تجتمع قبيلة أي قبيلة ولو مرة في عمر الدورة الانتخابية في ولايات الوطن سيطير في الآفاق ذكرها وتسيل أقلام في تهويلها وتصدر منسقية المعارضة بيانا تخويفيا من تجييش العواطف بين قبائل ولايتها ، وكأنها في هذا الاجتماع جاءت ببدعة سبقت التاريخ إليه فلماذا كل هذا ؟ا
ومن باب التشوف لنتساءل أيضا ماذا حققوا لأنفسهم من جلسة ساعة حتى احدثوا هذا التهويل ، وهل هناك من يخشى ويطمع في إلتئام كلمتهم ؟ ولا يخشى من انفراط عقد أحزاب أقل منهم عددا بل واكثر من بعضهم نفيرا ، حين يجتمعون دوريا ولا يحدث حولهم لغط ولا رجة(عذرا للقارئ بمنطق الواقع أصبحوا كأنهم غير شرعيين) .
ا- إن اجتماع القبائل الأخير في بعض المدن يحسب لكثير منهم اختيار المكان الذي امتاز بالحياد وخلوه من تهييج الحساسيات بينهم ، واتقان شعار الاجتماع الذي لبس ثوب الصلح والتصالح ، وترميم البيت الداخلي وبناء الذات ورد الاعتبار ومحاولة تجاوز النعرات والانشقاقات مما أثار البهجة والحماس لدى الحضور . ويحسب لهم حسن التمهيد بردم المطبات ونزع فتيل تنافر الشحنات بين الأقطاب وضخ دماء المشيخة في عروق رأس جديد لدى البعض ، قبل وأثناء الشروع في الاجتماع . ويحسب لهم توظيف زخم الاعلام وذلك باستخدام الأبواق خارج أسوار الاجتماع وهي سابقة وكذلك وجود الصحافة .
ب- إلا أنهم مزجوا بين التصالح الذاتي الذي يعني التجرد من الذات ولو مؤقتا والتنازل للبعيد قبل القريب حتى يشيع التآلف بدل التنافر ، لقد مزجوا هذا التصالح الذاتي بالهوى السياسي المتذبذب الذي يعني المشاحة وتغليب المصلحة الخاصة على العامة فكان هفوة ، تستشف في بياناتهم الختامية التي تهب منها رائحة المراوغة مع الأتباع ، ونبذ المصارحة والمكاشفة معهم في القرار السياسي واستعجالهم قطف الثمرة قبل بدو صلاحها ، مما يخشى أن ينسف نتائج إجتماع البيعة لبعضهم في المستقبل .
ولقد غاب عنهم البحث عن غطاء قانوني يبث خطابهم ويحمي مطالبهم ، فالحزب الحاكم الذي هرولوا خلفه واجتمعوا تحت عيونه ، محل ثقته الآن بيد القوي ، أما بقية القبائل فليعلموا أن لا محل لهم من الإعراب داخل الحزب الحاكم ، اللهم إلا أن يكونوا أتباعا لا أسيادا. فكان الأولى لهم أن ينتسبوا لحزب مغاير لا أتباع له في الولاية حتى يستعرضوا عضالاتهم ويظهروا قوتهم .
ج- إن إحياء بعض القبائل ونفخ الروح فيها ، التي لها مخزون انتخابي هائل على طريق الأمل وحريمها وعواصم الولايات وضواحيها أمر صعب المنال :
1- بسبب ما تعانيه من شروخ في جدارها .
2- وبسبب تقطيع إداري مجحف لهم بعثر أحياءهم بين البلديات .
3- وبسبب هاجس البعض وريبته من بناء بيتهم واعتباره محاولة من بعض الساسة الكبار لخلق منافسة حادة لبعض الإمارات التي تلتهم كثيرا من مخزونهم الانتخابي وتحتضنه وهذا وجيه لدى البعض لأن المستبد الحاكم أيا كان لا يحب القوي المتماسك كإمارة بعض القبائل بل شغوف بالضعيف المتهالك الذي يستطيع ابتلاعه في أي لحظة .
فلو صح هذا الغرض الذي قطعا لا يخطر على بال كثير منهم فلو صح هذا فسوف يثير بلابل ومشاكل بين بعض القبائل .
د- إن هذا هو بيت القصيد الذي ينشده أبطال اللعبة الكبار وترتعد منه فرائص الحكماء ويخشاه أهل الرأي ويحذرون من عواقب نعراته على هيبة الدولة وأمن المواطن . مما سيضيع هيبة الدولة ، وتتلاشى معه الأحزاب و يحل محله التطاحن و التناحر بين القبائل، ويتغذى عليه الحزب الحاكم أي كان.فبقدر ما عجز الأوائل عن دفن فتن( السيبة) فإن الحكومات المتعاقبة سيعجزون ويفشلون عن احتواء واطفاء نيران فتنة هذا التنافس الحاد إن وقع .الذي يحاول زرعه الكبار وسيجني شوكه الصغار فمن سيحمي وطننا ؟.