بعد أشهر من التصعيد والتعنت في مواجهة دعوات الحوار، تبدو الساحة اليوم وكأنها مقبلة على مرحلة تهدئة تتركز خلالها الأنظار على زعيم التحالف الشعبي التقدمي ومبادرته المدعومة من طرف تحالف سياسي مدني والحائزة مؤخرا على "مباركة" منسقية المعارضة الديمقراطية وائتلاف قوى الأغلبية.
وإذا كان من السابق لأوانه القول بأن الحل بات في متناول الفرقاء، فإن مراجعة لمستجدات الساحة تترك الانطباع بأن "الأزمة" قد بلغت أوجها وبدأت تتلمس طريقها باتجاه نوع من الانفراج لا يمكن التفاؤل بشأن مداه وإن كانت دوافعه تكاد تكون مفهومة في معظمها.
فجأة ومن دون سابق إنذار، تم الترحيب في القصر الرئاسي بحركة التحرير الافريقية (افلام) وبحركة "إيرا" الانعتاقية، ثم حلحلة مسألة ديون بوعماتو وإعادة فتح مصرفه وإطلاق سراح نائبه. وبالموازاة مع ذلك جاء فتح قنوات حوار "جانبية" مع أحزاب منسقية المعارضة وتم تغيير اللهجة تجاه مبادرة ولد بلخير، بل إن "قوى الأغلبية" اضطرت لزيارته وهي تحمل أبعد مما كان يطمح إليه!
وبالطبع تراجع الحديث عن تنظيم انتخابات بلدية ونيابية خلال أشهر وتحولت اللهجة الواثقة للجنة المستقلة للانتخابات ومؤيديها ممن بنوا آمالهم على رفض "أي حوار جديد"، إلى همس وتساؤلات بشأن مستقبل "كيان" لم يعد واثقا من حقيقة ما تخبؤه الأيام له!
هل بدأ كل شيء يتهاوى بعد كشف ما يعرف بفضيحة "أكرا" وتداعياتها التي ليس من أهونها أن السحر قد ينقلب على الساحر في محاكمة البرلماني الفرنسي مامير؟ هل أن الحالة الصحية للرئيس –التي طفت مجددا على الواجهة- باتت تتطلب نوعا من التهدئة لتسيير متطلباتها وإكراهاتها؟ أم أن الأمر يتعلق بأزمة جدية داخل المجموعة الحاكمة، أصبحت تفرض محاولة تحييد المدنيين في انتظار إعادة ترتيب الأوراق؟
قد يكون بعض ذلك أو كله سببا في التوجه الراهن، لكن قد يتعلق الأمر –ولم لا؟- ب "تباشير مرحلة نضج" أملتها موازين القوى، قد تحمل لنظامنا الديمقراطي "دكارا" جديدا يتيح لنا أخيرا إمكانية تنظيم انتخابات تضع حدا لمؤسسات مهترئة وموبوءة، جثمت على أنفاس الموريتانيين أكثر مما ينبغي!
اقلام