يعتبرالشباب كنوز الوطن المخبوءة لأيام القحط وحصنه الحصين في وجه أعدائه المتربصين، وهوسبيل الأمة إلى كل جديد ويدها القوية في البناء والتنمية لما يتمتع به من إمكانات عقلية وبدنية ونفسية فائقة تمنحهم مرتبة حماة الوطن ورتبة حملة لواء البناء والتنمية ، والنفس الشبابية أصلب إرادة، وأمضى عزيمة، وأقدر على مواجهة التحديات مهما لاحت في الأفق ؛ ومما لا يقبل الشك أن القدرة البدنية الكامنة في الشباب قادرة على تحويل المستحيل إلى ممكن والمجرد الى ملموس .
وما من أمة على وجه الأرض إلا وتتعهد هذا الغرس الطيب بكل ما تؤتى من إمكانية، تغذيه بالعلم، وتسقيه مكارم الأخلاق، وتقومه بتعاليم الدين الحنيف، لأن الحصاد لابد آت، فإما الغلال الوفيرة والثمرات الطيبات، أو الشوك والصبار، وحصاد السوء، فغراس المستقبل الواعدة أمانات الأمم وعهدة المسؤولين من أبنائها .
فهل يتطلع الشباب في بلدنا بهذا الدور؟
إن الانتماء الايجابي للوطن يحتم على الشباب أن يعملوا مخلصين للخروج من ظلمة الجهل والتبعية إلى نورالعلم والحرية، والشعور بالقدرة والكرامة والاستقلال، وأن يأخذوا بكل السبل المتاحة للارتقاء بأنفسهم ومجتمعاتهم وأمتهم، إلى الحد الذي يضمن لهم الكرامة والشعور بالحرية ويضمن لأمتهم الهيبة والاحترام بين أمم الأرض وما ذلك على الشباب بعسير لو توفرت الإرادة المخلصة والعزيمة الماضية والإيمان الراسخ .
لكن شبابنا للأسف الشديد لم يتطلع حتى الان إلى ما توصل إليه غيره بسبب التربية على التبعيَّة العمياء التي تمارس في حق البسطاء من أبناء شعبنا ممن يرضون بالفتاة الذي يقدم لهم من ثرورات بلدهم من لدن طغمة من الاقطاعيين بهذا البلد انتهزوا فرصة غيابهم عن المشهد السياسي في لحظة من اللحظات كي يعملوا على تغييبهم حتى تمكنوا من سلبهم من إرادتهم بعد أن استحوذوا على مقدرات بلدهم من غير وجه شرعي .
نعم ، إن فئة الشباب في بلدنا لا تزال تعيش على أطراف الحضارة الإنسانية في أسوأ مراحل التهميش والظلم خاصة في عهد النظام الحالي الذي يتشدق بأنه جاء من أجلها ، فمعظم الشباب في عهده تركوا مقاعدهم الدراسية بحثا عن لقمة العيش، وها هم اليوم يملؤون الشوارع والأرصفة محتجين في كل مكان للمطالبة بالعمل بعد أن أصبحت البطالة عنوانهم الوظيفي .
فكيف نتحدث عن إصلاح يهمل أهم شريحة تمثل عصب المجتمع في الوقت الذي يتم استغلالها كطاقة لايصال مثل هذه الأنظمة إلى سدة الحكم ؟
إن ترك شبابنا يان تحت الضغط الاجتماعي من جانب والضغط الامني قد يخلق لديهم مناخاً ملائماً لاستدراجهم نحوالتعصب والانحراف ، إذ ما تم العمل على بناء منظومة ثقافية جديدة تؤمن بالحداثة ويكون للشباب دور فعال فيها يستلزم بحث هذه المشكلة وفق أسس علمية ومنطقية من أجل إعداد جيل قادر على المساهمة في بناء دولة القـانون والديمقراطية. وهذه المهمة تقع بالأساس على عاتق الحكومة وحدها، باعتبارها هي الملزمة بتوفير متطلبات الشباب من فرص عمل مناسبة وتقـديم القروض والمساعدات المالية لهم وإجراء دراسـة موسعة للنهوض بواقعهم .