الوحدة الوطنية هي حديث السياسيين عندما يتكلمون عن الوضع السياسي للبلد سلبا او ايجابا .
ويمكن تعريف الوحدة الوطنية بأنها استقرار الحالة السياسية و الاجتماعية لشعب ما في حيز جغرافي محدد وموحد يسمى الوطن ، وتتجلى حالة الاستقرار هذه بظهور الشعب متماسكا متآلفا لا اعتبار فيه لأي نوع من الفوارق والاختلافات عرقية كانت او شرائحية او دينية ...الخ ، و محكوما بنفس القوانين والنظم دون تمييز و يتمتع بنفس الفرص ونفس الحقوق وعليه نفس الواجبات اتجاه الأمة او الوطن ويتقاسم خيرات البلد بعدالة تامة. وبهذا تكون الوحدة الوطنية أسمى مطالب الشعوب والمجتمعات والضامن الأول لبقائها ونموها.
مقومات الوحدة الوطنية
- لكي يعيش المجتمع وحدة وطنية قوية الدعائم والأركان لابد من أن تتوفر لهذه الوحدة مقومات أساسية من أهمها:
1-المواطنة : وهي انتماء يسمو على كافة الانتماءات والولاءات أساسه المحبة الدافعة إلى الإرتقاء بالوطن لجعله في مقدمة الأوطان، من غير تعصب مانع من الإنفتاح والتعرف على الغير.
2- دستور وقوانين ونظم تنص على حماية الوحدة الوطنية وتجرم وتعاقب المساس منها بالأقوال والأفعال.
3 -الحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز السلم الأهلي بالتساوي في الفرص المتاحة أمام افراد الشعب،والعدالة في توزيع الثروة الاجتماعية وضمان حياد واستقلالية القضاء.
4- تجسيد الروابط التاريخية والعقائدية والثقافية والاجتماعية التي تقوي اللحمة الاجتماعية وترسخ وتنشر قيم الألفة والمحبة والتسامح بين أبناء الوطن وتنبذ مظاهر العنف والكراهية والشقاق والخلاف.
آليات تحقيق الوحدة الوطنية:
تعتبر الوحدة الوطنية من أهم الثوابت الوطنية التي تحظى بالأولوية على كثير من الأهداف والغايات الوطنية الأخرى وهي ترتكز في مفهومها على ركيزتين أساسيتين :
1- الجانب المعنوي أو السيكولوجي الذي يرتبط بالمواطنين ووحدتهم وتماسكهم أي ما يتعلق بتنظيم الروابط التي تشكل نسيج الإنتماء وقوام اللحمة بين عناصر المجتمع ومكوناته ويبقى أساس هذه الروابط دائما الإنتماء وحب الوطن والرغبة في العيش المشترك .
2- الجانب المادي القانوني الذي يرتبط بالأساس بوحدة الدولة وتكاملها. وقيام نظم قانونية ودستورية ومؤسساتية تكفل الحفاظ على وحدة الوطن وتماسك الشعب وترابط مقوماته. ومن هنا تأتي أهمية الوحدة الوطنية في استقرار الدولة ونمائها وأي مساس بها من شأنه أن يقوض السلم الاجتماعي وبالتالي تراجع عملية التنمية السياسية برمتها.
وإذا كانت هناك اختلافات بين جماعات تنتمي إلى نفس الوطن لكنها تختلف في تكوينها وطبيعتها. فإن الأمر يتطلب توفير سبل التعايش في إطار من التسامح والحرية المسؤولة بين مختلف التكوينات والجماعات على اختلاف طبيعتها والولاءات التي تمثلها ، وهذا التسامح يستدعي حتما نبذ العنف والتطرف والتخلص من أساليب الكراهية مع احترم الخصوصية والهوية الوطنية وما يمثله ذالك من أولوية تقدم على كافة الولاءات والإنتماءات الأخرى في الدولة.
ولتحقيق ذالك التماسك والتكافل تبرز وسائل وأساليب متعددة تدور كلها حول تعميق الرغبة في العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع والعمل على نزع فتيل الاختلافات بين العناصر والشرائح المتنوعة بما يبعد الخلاف ويجعل التعدد والتنوع مصدر غني وقوة وليس مصدر تهديد أو تقويض تعاني منه الدولة .
ومن أهم أدوات التنشئة الاجتماعية الصالحة والتي تمثل آلية لتحقيق الوحدة الوطنية نذكر :
1- الأسرة : و تعتبر أهم المؤسسات الإجتماعية التي تنتج الوجدان الثقافي و التربوي عن طريق مجموع القيم و الأخلاق التي تنشرها بين سائر أفرادها وتلقنهم إياها على اعتبار أنها تشكل الآداب العامة الواجب مراعاتها و المقدسات الاجتماعية التي ينبغي احترامها و الالتزام بها. والأسرة هي التي تتولى صياغة شخصية الطفل فتخلق لديه منذ طفولته أبجديات ولائه وانتمائه وأولويات توجه مشاعره وتشكيل وجدانه. لينمو كل هذا لديه ويتطور جاعلا منه المواطن الصالح الذي ينشده المجتمع.
2- التعليم : حيث تعمل المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها على نحو مهني ونظامي على غرس وتطوير قيم المواطنة وحب الوطن وخاصة في المستويات الابتدائية والثانوية التي تحرص على تربية التلاميذ على التشبث بالهوية الوطنية واحترام الانتماء الوطني والولاء للوطن وتنميته من خلال ترسيخ قيم الإخلاص والصدق والوفاء والتماسك ونبذ عوامل العنف والتطرف والخيانة والكراهية.
3- الخطاب الديني : يعتبر الوطن و حدة تتدخل في نظم نسيجها عدة عناصر عبر التاريخ : لغوية و معرفية و ثقافية لكن يبقى الدين الحنيف السمح الذي لا غلو فيه و لا تطرف ،أقوى هذه العناصر وأقدسها فالخطاب الديني جدير بحمل رسالة تعزيز الوحدة الوطنية بما يملكه من إمكانات روحية في التصورات و المفاهيم تجعله أقوى مؤطر في المحافظة على النسيج الإجتماعي للوطن يعمل على تقوية وتنمية تعزيز مفهوم (الرحم الوطنية ).
4-الإعلام : ولا تخفى أهمية الدور الذي يقوم به الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع في توحيد صفوف الأمة وتماسكها وترابط مكوناتها وتعزيز وحدة الوطن وسيادة الدولة وسموها . وحماية مقدساتها وأركانها الأساسية ويتعاظم دور الإعلام في توجيه الشباب وتوعيتهم في مجال تعزيز التماسك الوطني وتقوية الشعور بالانتماء والولاء للوطن.
وفي الختام اعرض عمدا عن الخوض في محور رابع وأخير قد يفرض نفسه مكملا لمحاور هذا الموضوع. لبس جهلا مني بما يمكن أن أقول في هذا المحور بل لأمرين أثنين لا ثالث لهما :
الأول منهما إني أمقت هذا المحور عنوانا ومضمونا ولا ارجو أن أصل إليه لا في الحديث ولا على أرض الواقع.
وثانيهما هو كون هذا المحور وما يترتب عليه لا يتطلب جهد باحث حتى يستوعبه الجميع، انه محور (في غياب الوحدة الوطنية ).
النهاه ولد أحمدو
22442289