أنا حزين ومحبط، وطني تتحكم فيه طغمة عسكرية منذ ٣٥ سنة تقوده إلي هاوية مؤكدة وتتلاعب بوحدته الوطنية, تتناوب علي نهبه لكل دوره والخلف أسرع في الهدم والنهب من السلف.
أنا خائف وحزين فوطني نخبته السياية تبيع مواقفها لمن يدفع أكثر, في رقاب بعضهم بيعات للقذافي وآخرون لأميرقطر أو ملك المغرب, همهم مصلحتهم الآنية يتبادلون الأدوار منذ الإستقلال في إستغلال براءة هذا الشعب وطيبته، يبيعونه كلاما وأحلاما ليشتروا بها مناصب ورخص صيد وامتيازات.
يمدحون الحاكم أو يهجونه حسب مصالحهم الآنية, يتحالفون مع أعداء الشعب من رجال أعمال مصوا دمه وكسرواعظمه إن هم دفعوا لهم.
أنا حزين محبط ومكتئب في بلادي صحافة تعطي إنقلابيا درعا للحرية قد لا يقيه من رصاصات صديقة وهو من أذاقها الأمرين وضربها في الشوارع، تكتب في مدحه ومدح أعدائه همها فقط قوت يومها ولو أكلت بأقلامها.
أناحزين وغاضب ومشمئز في وطني مثقفون يتملقون كل حاكم ويقبلون حذاء كل عسكري, يؤلفون الكتب في مآثرهم والقصائد العصماء في مناقبهم.
أنا حزين ويائس ومندهش في وطني رجال دين لايقفون مع مظلوم، يجمعون أموال الزكاة في االخليج للفقراء ليشتروا بها سيارات رباعية الدفع ومنازل ويتزوجوا منها مثني وثلاث ورباع, يحفظون آيات لا يتدبرونها، تراهم دوما في صف الحاكم.
أنا خائف على مستقبل شباب هذا البلد، مصيرهم جميعا الانتحار وإن اختلف الطرق. أسبوعيا نسمع بشابة أو شاب أقدم على الانتحار الفعلي، لكن هناك آخرون ينتحرون معنويا بطرق شتى:
شباب ينتحر سياسيا وأخلاقيا بإنشاء أحزاب تساند العسكر وتطبل للحاكم، آخرون ينتحرون بالغلو في السلفية، يقبرون أنفسهم أحياء بعد فقدهم الأمل في هذه الحياة لينضموا إلى جماعات إرهابية تعدهم بجنات الخلد.
آخرون ينتحرون ببطء عبر تناول المخدرات والانضمام لعصابات السرقة والاغتصاب، ليقضوا ما بقي من أعمارهم بين مخافر الشرطة والسجون.
آخرون ينتحرون رمزيا بالهجرة إلى بلاد الغربة لينقطعوا من جذورهم ويعيشوا أذلاء في بلاد الآخرين.
والبقية لا حول لهم ولا قوة، يكتوون بنار البطالة والقهر حتى يلتحقوا بإحدى هذه المجموعات.
قد يتهجم الكثيرون على، لكنني لن أرد على أحد، فأنا حزين ومحبط ومنهك ومكتئب وبائس وسأكسر أقلامي، إذ لا كلمات تجدي ولا فضائح تنفع.
لك الله يا موريتانيا ما أعق أبناءك، لك الله يا بلاد السيبة.