قبل وفاته بمدة قصيرة التفت الكاتب والروائي الموريتاني (تن يوسف گي) إلى العقيد عمر ولد ابيبكر مساعد آمر سجن ولاتة يومها، والمرض يقضم صوته، قائلا : هل ستتركون رجل ثقافة وعلم وأدب يموت هكذا ميتة الكلاب؟
انحنى العقيد عمر وأمسك رأس يوسف گي بحنان وقال : لا لا ، لن أقبل .. سوف أبذل قصارى جهدي في سبيل إخراجك للعلاج ...
كان ذلك يوم الاربعاء ..
يوم الخميس نقله العقيد الى مستشفى النعمة، وغادر في مهمة مستعجلة.. لكن السلطات - وفي غياب العقيد - رفضت إدخال يوسف گي المستشفى وبدلا من ذلك أودعته السجن وزاره أطباء فيه ..
وفي يوم الجمعة الموالي رحل الى الرفيق الأعلى ..
عاد العقيد وصدم بالخبر .. اتجه فورا إلى قبر يوسف گي ونقش عليه الحروف الثلاثة من اسمه ( TYG)..
هذا هو العقيد المثقف .. الثائر .. الانساني عمر ولد ابيبكر ...
رجل يؤمن بموريتانيا فقط.. بكل ألوانها وأعراقها ...
رجل اتفقت شهادات سجناء ولاتة على تقديره وعلى أنه رجل الانسانية بلا منازع.
عمر يعرف أن الضابط يتلقى الأوامر وعليه تنفيذها.. لكنه كان يقول : لو تلقيت أي أوامر خارج القانون لن أنفذها ....
إرفع رأسك أيها العقيد ...
أنت فخر .. وما زالت المذكرات تُكْتَب، وما زال منصفوك يتحدثون.
شفاك الله وعافاك وردّك سالما ...