أعتذر للقراء الكرام إن كان فيما كتبت عن
موضوع القبيلة إساءة أو تقليل شان بعض
الخدمات التي كانت القبيلة تسديها " لبعض
أفرادها " فيما يخص خدمات التكافل
الاجتماعي ، في وقت لم تكن الدولة المركزية
موجودة .
أما وﺇن توجد الدولة التي تمتلك مقدرات
الشعب فلا مبرر لوجود القبيلة المبنية على
العصبية التي لاتترك مجالا للتعايش السلمي
مع غيرها نظرا لنزعة الهيمنة والأنانية
اللتان تعتبران شحنة الخطاب القبلي ، وخير
دليل على ذلك التناحرات التي كانت من بين
أسباب دخول المستعمر ، رغم أنه لم يعمل سوى
تكريسها عن طريق رموز هذه التنظيمات
العشائرية ليكونوا أعونا له على التحكم في
الشعوب .
وكإجابة على أسئلة تفضل بها أحد القراء
والملاحظين فله مني جزيل الشكر على
الاهتمام بالقضايا العامة ، وعلى الرغم من
أنني أجد في الأسئلة التي أثارها القارئ
إجابات شافية على الملاحظات التي أبدينا
في ما يتعلق بالدور السلبي التنظيمات
القبلية الضيقة وما تطرحه من نعرات تقوض
عمل الدولة ، فالدولة التي نصبو لبنائها
على إرادة حقيقية والتي لم تتحقق بعد من
وجهة نظرنا يمكنها أن تنوب عن القبيلة في
ما كانت تقدمه من خدمات بل تزيد عليها دون
تمييز في عصر تجاوز العالم بناء الدولة
التي تتكفل بكافة الخدمات الاجتماعية
للمواطن كالتعليم والصحة والأمن والعدل
وتوفير العيش الكريم ... إلى بناء اتحادات
دول تكون أكثر قدرة على تحقيق أطماح
شعوبها. والأمثلة على ذلك كثيرة ، هذا في
وقت مازلنا نحن ندور حول إطار القبيلة
الضيق التي لاتهتم إلا ببعض الأفراد
التابعين " لكتابها " أما من سواهم فليسوا
مواطنين من وجهة نظر القائمين عليها
والواقع يشهد بان القبيلة شماعة الفشل
والإخفاق أمام بناء الدولة الحديثة .
صحيح أنه مالم توجد الدولة الحقيقية ( دولة
الحق والعدل) فسيكون ذلك مبررا لبقاء
القبيلة لتبقى الدولة تراوح مكانها ،
الأمر الذي لمح إليه الرفيق حتى وﺇن و لم
يكن عن غير قصد ، فما دامت الدولة في نظره
عاجزة عن واجباتها تجاه مواطنيها ففي ذلك
مبرر لوجود القبيلة إلا أن غير ذلك يجوز من
وجهة نظر أخرى .
إنه مما لاجدال فيه أن حماية الأفراد
والجماعات وضمان حقوقهم من مسؤوليات
الدولة ، لكن حين تستقيل الدولة عن
مسؤولياتها لايكون الحل في العودة إلى عصر
الجاهلية العصبية ، دون بناء دولة القانون
على أسس سليمة تقوم على العدل والإنصاف.
غير أن السؤال المطروح لمن يريد أن يبقي
القبيلة على أنقاض الدولة الحديثة عليه أن
يتفضل بالإجابة على الأسئلة التالية :
من يخدمه بقاء الدولة على هذه الحال ؟
ومن جعل الدولة عاجزة عن أداء مهامها ؟
المطبلين والمزمرين للأنظمة العاجزة
والفاشلة من شيوخ القبائل أم المناضلين
والمهمشين ممن لايجدون من يجيب على
أسئلتهم أمام المرافق الخدمية ؟
من المسؤول عن هؤلاء بعدما عجزوا عن الحصول
على حقوقهم ؟
من يصوت على الأنظمة التي ترعى الظلم
والحيف في حق المواطنين ؟ أليست التنظيمات
القبيلية هي من يعقد الاجتماعات إبان
الانتخابات لتكرس بقاء هذه الأنظمة جاثمة
على صدور العباد؟