عرفت الأيام القليلة الماضية عودة قوية لرموز الفساد وأزلام النظام السابق إلى الواجهة السياسية في البلاد ،فيما يشكل انتكاسة حقيقية للتغيير الذي يطمح إليه الشعب الموريتاني ويطرح الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة ما يجرى تحديدا حول شعار محاربة الفساد الذي تبناه الرئيس الحالي في برنامجه الإنتخابى.
فتعيين الإدارى المتقاعد السيد محمد ولد ديدي ،رئيسا لسلطة النقل العمومي يثير هذه الآونة الأخيرة جدلا واسعا بين فئات عريضة من أبناء الحوض الشرقي ذوي الكفاءات العالية العاطلين عن العمل حول طبيعة الخدمات التي يحتاجها النظام الحاكم منه ،بعد أن أعاث في الأرض فسادا وحول القطع الأرضية في مدينة نواكشوط إلى أملاك خاصة إلى درجة قيام معاوية ولد الطايع بتجريده من منصبه سنة 1990م من ولاية نواكشوط.
وظل ولد ديدى طيلة حقبة ولد الطايع يتقلد المناصب السامية (والى في نواذيبو ،آدرار ،امين عام في وزارة الوظيفة العمومية ،ثم مديرا لشركة تسويق الأسماك....)إلى إنتهى به المطاف رئيسا لمجلس إدارة ميناءا لصداقة المستقل بعيد تغيير 2008.
وعندما تم الإعلان عن تاريخ إنتخابات يوليو 2009 دفع ولد ديدى بحمادي ولد إميمو إلى خوض غمار الترشح للانتخابات الرئاسية بدافع الحقد الشخصي على ولد عبد العزيز ،وهي الانتخابات التى لم يحرز فيها مرشحه أكثر من 1بالمائة علي عموم التراب الوطني.
وبدا ولد ديدى منذو تلك اللحظة يعاني العزلة السياسية الشديدة علي المستوي المحلي إلى درجة تثير الشفقة والامتنان عليه إلى أ ن قذفت به أمواج التعيين من جديد إلي الواجهة.
ولم يكن وزير الإسكان الحالي بايحي أحسن حالا من سابقه ،حيث تمت إقالته سنة 2006 من منصب مدير بالبنك المركزي بسبب عدم أهليته لتقلد ذالك المنصب .وفي سنة 2008عين رئيسا للجنة المركزية للصفقات ،ليتم تجريده سنة 2009 بتهمة سوء التسيير،تجسيدا لوعود الرئيس الانتخابية وتعهده بمحاربة الفساد، حيث أمضي ثلاث سنوات دون عمل ،قبل أن يعود إلى الواجهة من جديد.
أما المفتش الجمركي السابق السيد محفوظ ولد محمد عالي ،فقد ظل هو الآخر يتقلد المناصب السامية في عهد نظام ولد الطايع حيث عين محافظا للبنك المركزي من سنة 1998إلى 2001، عرفت فترته ماأصبح يعرف محليا بعملية نفخ الأرقام، ،ليتم سنة 2003 تعيينه وزيرا للمالية حيث قام بتقسيم أكبر كمية من الأراضي في تفرغ زينة وفي الأحياء الصناعية والتجارية،كل هذه تراكمات الفساد كانت السبب في استبعاده سنة 2004م من طرف ولد الطايع.
إن إعادة النظام الحاكم الاعتبار لشخصيات يحملها الشارع الموريتاني مسؤولية الكثير من الأزمات التي عانى منها البلد في العقدين الماضيين،وناصبته العداء كثيرا في هذه الظرفية السياسية الخاصة التي تفتقر فيها لأدنى سند شعبي محلي ،قد يعيد إلى الأذهان فكرة التذمر والشعور بالإحباط لدي جماهير غفيرة من المواطنين الموريتانيين توسمت في مشروعه الإنتخابى أساسا لتجديد الطبقة السياسية والتغيير الحقيقي.