التعليم في موريتانيا : المشاكل و الحلول../الحسن ولد محمد الشيخ
وكالة كيفة للأنباء

تعاني المنظومة التعليمية في بلادنا مجموعة من المشاكل تشكل عثرة في طريق أي تنمية، إنها حصيلة إخفاقات متراكمة لسياسات تربوية اتسمت بالارتجالية و ضعف الوسائل؛ الأمر الذي يؤكد مدى الحاجة إلى تقويم شامل يفضي إلى إصلاح حقيقي مؤسس على منطلقات سليمة .

لقد شهد نظامنا التربوي بعد مرحلة العهد الأول من الدولة الموريتانية إصلاحين تميزا بقدر من الارتجالية و المحاباة؛ مما جعل الأجيال تدفع الثمن غاليا ...

و من المحاباة و سوء التقدير ما أسس له إصلاح 1979 -القائم على مقاربة الأهداف- من ضرب للوحدة الوطنية، حين جعل من أبناء الوطن الواحد شعبين غير متواصلين، ينحوان جهة الصدام الثقافي الهوياتي، والتزاع السياسي العقيم .

و جاء إصلاح 1999 الذي اعتمد مقاربة الكفايات؛ ليعالج تلك الاختلالات، لكنه ولد مشلولا من دون آليات محفزة، و ضعيفا من دون مقومات البقاء القائمة على الوسائل الديداكتيكية اللازمة ..

و بعد أريعين سنة من الإصلاحين لم تتحقق الأهداف المرسومة، و لم تحصل الكفايات المطلوبة، و بات التعليم يتخبط في حلقة مفرغة إلا من التردي و التدهور المخيف الذي يهدد مستفبل البلاد .

ومن أهم المشكلات التي يعانيها التعليم في بلادنا اليوم :

1- نقص المدرسين عموما

2-نقص الحجرات الدراسية .

3-نقص الأدوات التربوية و انعدامها أحيانا

4-جمود المناهج التربوية و عدم تحيينها بما يتماشى مع المتغيرات الحياتية .

5-اكتظاظ الاقسام و خصوصا في المدن .

6-ضعف مستوى فهم التلميذ و خصوصا للمواد العلمية المدرسة باللغة الفرنسية .

7-الرتابة و الروتين المدرسي الممل

8-غياب النشاطات الثقافية التربوية و الرياضية

9- ضعف الإشراف التربوي والتأطير و التكوين المستمر .

10-غياب التحفيز المادي و المعنوي

11-سوء تسيير المصادر البشرية .

12-انعدام الكفاءة التربوية لدى الكثيرين .

13- انتشار الغش بين التلاميذ، و أحيانا يكون ذلك بالتواطئ مع المدرسين أو الأهالي .

14— تسرب الكثيرين إلى الأقسام ممن ليسوا أهلا للتدريس بسبب الغش في مسابقات دخول مدارس التكوين .

15- التسرب المدرسي و خصوصا البنات و أبناء الطبقات الهشة الفقيرة

16—الخريطة المدرسية ذات الطبيعة العشوائية .

17-تردي الفصول الدراسية في الغالب

18-الولوج إلى التعليم اضطرارا لا اختيارا لدى الكثيرين .

19- الولوج إلى الأقسام من دون تكوين .

20- ضعف المستوى الأكاديمي للمدرس

إن ما آل إليه واقع تعليمنا اليوم ليس وليد الصدفة، و إنما جاء نتيجة مجموعة من التراكمات السلبية، و هي في الحقيقة انعكاس واضح لفشل السياسات المتخذة لإصلاح التعليم بالبلاد منذ عقود، و التي ركزت في مجملها على الكم دون الكيف .. و دون حساب القيمة المضافة التي يقدمها التعليم الجيد في التنمية الشاملة .

لهذا كانت نتائج كلا الإصلاحين هزيلة، بل رديئة كارثية ، و لعل ذلك يعود في الأساس إلى :

1-عدم جدية وزارات التهذيب و التعليم المتعاقبة في تطبيق النظم و القوانين و المقررات و كذا البرامج .

2-الارتجالية في اتخاذ القرارات

3-غياب المتابعة و التقويم

4-غياب معايير شفافة للتقييم و الترقية .

5-تغيير الخطط و البرامج وعدم إكمالها بتغير الوزراء المتتالي

6-التبني الكلي في الشكل للمقاربات التعليمية المستوردة و التي تختلف تماما عن واقعنا الثقافي و الاجتماعي والاقتصادي.

7- تعديل المناهج بصفة غير منسجمة مع متطلبات الحاضر و المستقبل

8-إهمال المدرس الذي يعتبر قطب الرحى لإنجاح أي استراتيجية تعليمية .

9-ارتهان المؤسسات التعليمية للماضي، و عدم التكيف مع الحاضر ، في ظل عولمة جامحة، أبرزت الحاجة إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.

10-التركيز دائما على المعارف سريعة النسيان، بدل المهارات المعرفية التي تمكن الفرد من بناء قدرات إبداعية تتطور مع المعطيات، و تتكيف مع الواقع .

11-البيئة المدرسية الطاردة للإبداع .. غير المحفزة على الأداء بفعل ضعف الوسائل و غياب أدوات التحفيز .

ساهمت هذه المعوقات و غيرها في تعميق مشاكل التعليم واتساعها، و لم يتمكن وزراء التهذيب المتعاقبون منذ 1979 إلى اليوم من إيجاد حل جذري ينتشل التعليم من واقع التردي، و كأن هناك أطرافا تتغلغل داخل أروقة الوزارة تسعى دائما إلى إفشال كل برنامج إصلاحي ، أو كأن السياسات العامة للدولة تغفل أو تتغافل و تتجاهل محورية التعليم باعتباره موردا استثماريا حيويا مهما في التنمية .

وكان من نتائج هذا التجاهل :

1- النظرة الدونية للمدرس من طرف المجتمع .

2-تخلف المدرس عن دوره كمرشد تربوي ..اجتماعي و قدوة .

3-غياب دور آباء التلاميذ بوصفهم شركاء محوريين في العملية التربوية .

4- تسرب الأكفاء من المدرسين إلى بعض القطاعات الأخرى أو إلى القطاع الخاص أو إلى الهجرة .

5-الإحباط المؤثر على الأداء لدى بعض الأكفاء من المدرسين .

إن إرادة الإصلاح المعلنة، و الأمل المعلق على برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني -والذي لا يمكن نجاحه بتجاوز التعليم- يستوجب من كل مهتم بالتعليم أن يدلي بدلوه نصحا و إرشادا .. تقييما و تقويما . و في هذا الصدد أقترح الأخذ بالنقاط التالية في المدى القريب و المتوسط القريب حتى نرتقي بنظامنا التعليمي إلى سكة الإصلاح :

1—إلغاء التقويم المزمع و استعاضته بتكوين شامل خلال العطلة الصيفية القادمة .

2- إشراك المدرس في التصور بوصفه شريكا لا منفذا فقط .

3- تفعيل دور آباء التلاميذ بوصفهم شركاء طبيعيين لا يمكن تجاوزهم .

4-الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة و تسخيرها لخدمة العملية التربوية .

5- تكملة النقص الحاصل في المدرسين و في البنى التحتية .

6 -العدالة في تسيير المصادر البشرية

7-إيجاد نقاط صحية في المؤسسات التعليمية الكبيرة

8-تفعيل دور المفتشين المتمثل في المتابعة و التأطير .

9-مراجعة المناهج التربوية و كذا الكتاب المدرسي و توفيره .

10- توفير الأدوات الديداكتيكية اللازمة .

11-تطوير آليات الاستفادة من الكفالة المدرسية و تسييرها من طرف الشؤون الاجتماعية .

12-تفعيل الرياضة المدرسية

13-تدريس المواد العلمية باللغة العربية .

14-جعل الأقسام الدراسية ملائمة لتقدبم الدروس من حيث البنية و التهوية و التأثيث .

15-مراجعة مقررات التربية الاسلامية و التربية المدنية و ملاءمتهما للقدرات العقلية للتلميذ .

16-تلقائية الترقيات نتيجة معايير ثابتة و محددة سلفا .

17- تعزيز دروس الرسم و التربية الفنية في المرحلة الابتدائية .

18-إجراء تكوينات مستمرة كل صيف للمدرسين على مستوى كل ولابة .

19-تكوين شراكات تربوية مع الدول الشقيقة و الصديقة و كذا المنظمات الدولية بهدف الإستفادة من التجارب الاصلاحية و الخبرات التربوية .

20-بناء أحياء سكنية للمدرسين حيث تخصص مساحة 600 متر مربع من مساحة كل مدرسة أو في ساحة قربها لبناء عمارة سكنية تتكون من شقق بعدد أفراد الطاقم المدرسي .

إن قطاع التعليم جزء من كل، غير أنه يمثل المورد الذي يصدر منه ذلك الكل، ولكي لا تنضب ينابيعه يجب ان نعمل على تماسك النسق التربوي المطلوب، و تناغم المنظومة الاجتماعية مع الإصلاح المنشود .. و ان نعمد إلى رسم استيراتيجية متكاملة واضحة المعالم تعالج الاختلالات و تضع أهدافا ممكنة التحقق، تشارك في صياغتها كل النقابات التربوية و هيئات المجتمع المدني العاملة في المجال و روابط آباء التلاميذ و الخبراء التربويين الميدانيين من مدرسين أكفاء ، بالاضافة إلى القطاعات الحكومية التالية : وزارات التعليم .. الشؤون الاجتماعية .. الصحة .. البيئة .. الإسكان .. الداخلية.. الثقافة .. الرياضة .

و بهذا نكون أمام عملية إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية يستهدف الطفل .. لا يهمل المدرس، و يشرك الأب في التصور و المسايرة الإيجابية .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2021-02-11 07:02:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article30108.html