نحن خليط متنوع من الاثنيات البشرية اثرياء بتنوعنا بلغاتنا بالواننا بعاداتنا وبتقاليدنا وحتى باهوائنا ولاشيئ يمكن ان يتيح لنا الاستمرار والتعايش اكثر من فكرة الديمقراطية التي نرفع شعارها منذ تسعينيات القرن الماضي فنحن اليوم نعيش في دولة ديمقراطية كما يعتقد الكثرون او هي في طريقها الى تجسيد الديمقراطية كما نتطلع على الاقل .
يحق للجميع انتقاد الكل من سياسيين ومثقفين ومجتمع مدنى واناس عاديون لاهم في العير ولا في النفير ٫ و"ادخال الأصابع " في منجزاتهم لا مشكلة فنحن ديمقراطيون حتى النخاع ٬ ولكن هذه الفكرة الرائعة والتي تتيح لنا هذا الكم الهائل من حرية الكلام والنقد لآفكار وأاعمال الآخرين وحتي أشكالهم٫ تجد نفسها تقاد لمقصلة الإعدام فور ان يتم تحويل موضوع النقد او الكلام الي " فقهاء الدين " ٫مهما كانت الطريقة التي علي أساسها "منحوا " هذه التسمية. ٬
"موجب" هذه التدوينة :
تناولت قبل يومين عبر صفحتى فى الفايس بوك الإعلان الذي صدر عن مجموعة من "فقهاء" موريتانيا من مدينة انواذيبو الاسبوع الماضي ٫ والنقاط التى تطرق لها ومطالبتهم بإنشاء هيئة" للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" ٫ فنتيجة لقناعاتي الشخصية رأيت في الدعوة لتأسيس هذه الهيئة نوعا من التحريض علي انتهاج سياسة طالبانية ترهيبية عنيفة ٫
سبب آخر : أن هيئة للمعروف أمر لا يحتاج سوطا أو عصا.
المعروف أصلا أمر يمليه ضمير الإنسان عليه ثم تكلمه الدولة عبر القوانين التي تسنها وفاجأني كون الإعلان حمل عبارات مضمونها "للحيلولة مثلا ضد الغلو والتطرف" في وقت كانت تؤشر كل المعلومات والمفاهيم التى لدينا أن إنشاء هيئة هكذا هو نفسه التطرف بعينه بمنطقه وجوهره ٫
ثم يتابع البيان أو الإعلان أن ذلك يوجب بناء مساجد ومحاظر أكثر وهو ما استدعى أيضا التساؤل التالى: كنا بمحاظر معدودة وعلى قلب رجل واحد واليوم وبعد ان تكاثرت مدارسنا الدينية استهدفنا الإرهاب في عقر دارنا أيضا فكان الأولى ان نعرف من أين جاءنا الخطر ؟ لا أن نبحث له عن علاج بزيادة أسبابه حسب الكثيرين وتساءلت كمواطنة كيف يمكن أن ندمج آلاف الشباب من خريجي تلك المحاظر والمساجد في الحياة النشطة للبلد لنقلل من البطالة المتزايدة بسبب خريجين لايسدون حاجة السوق ولا يساعدون في تنشيط اقتصاد البلد ذلك أمر مؤكد فالسوق لايجد من يشارك في حركته والناس ملتهون بالتنظير لعالم الآخرة وعلى الدنيا السلام ٫
ورغم أن الإعلان لا يحترم منطق الديمقراطية التي اتفق عليها الموريانيون منهجا لتسهيل وتسيير حياتهم و لا يحترم فطرة الموريتاني التى نشأ عليها ولا يحترم للمرة الثالثة الإتفاقيات الدولية التى وقعت عليها موريتانيا وأولها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ولا يحترم ما تعلمناه من الدين الإسلامى الذى أعترف لكل شخص بخصوصيته وبإستقلاليته رغم هذا كله فان ثائرة البعض ثارت لأننى تحدثت عن حقيقة يريد كل واحد أن يتحدث عن كل شيئ وينتقد كل شيئ الا عن تلك الحقيقة التى لا جدال فيها ولا مراء والتى كنا نحن فى موريتانيا أولى ضحاياها انها قضية الإرهاب سواء منه الفكرى او حتى الجسدى وان تحدث فانه "يطلى على الزغب". وعن البطالة التى يعانى منها خريجوا المحاظر والمعاهد الدينية الغير قادرين على إسداء اى خدمة لأنفسهم احرى غيرهم بسبب عدم استعدادهم إلا للتنظير عن الآخرة والغضب الربانى الذي ينتظر من يخالفهم .
وفى سياق غير بعيد من حال بعضهم الذي شارك في هذا النقاش تذكرت حدثين اثنين يمثل احدهما التعصب حتى لدى من نظن أنهم بعيدون عنه اى المجتمع المدني كقضية الكاتبة المصرية التي أرادت ان تنير لنا الطريق وان تقول لنا افعلوا شيئا انتم تعيشون خارج سياق الزمن فكتب عنها ما كتب حتى ان بعض من اعتبرناهم يوما نخبة امضوا اياما في سبها وشتم اهلها وأكثر من ذلك يعودون ليهاجموا من اعترف بحقيقة أننا نعيش في زمن نشكل فيه فرصة للباحثين المهتمين بالشعوب البدائية اللذين يأتون لرصد عشوائية تصرفاتنا وبؤسنا الذى تجسده حركاتنا وتصرفاتنا على الملأ .
اما الحادثة الثانية والتى لها علاقة وطيدة بالتعصب والتطرف معا و تقترن مباشرة بحديثى هذا هى انه وفي احد الايام التى تمر طويلة وبلاطعم قررت مفوضية حقوق الإنسان ان تجمعنا وتتكلف هى مع مشروع الأمم المتحدة للتنمية بتنظيمنا كمجتمع مدنى حول ميثاق شرف كمرجعية موحدة تجمعنا فجيء بخبراء مغاربة ونيجريين حتى يساعدوننا في انجاز ميثاق نتفق عليه جميعا و أثناء النقاش الذى دار بيننا تحدث احد المغاربة وقال أنا ك:لائكى عبرت عن رايى أثناء نقاش في المغرب حول القضية بكذ وكذا .. ولم افهم الا والقاعة قد ضجت فحاولت تدارك او تركيب خيوط بعض العبارات المتناثرة وفهمت اللغط اخيرا عندما تحدثت إحدى السيدات اللواتي يطلق عليها بعض منتسبى المجتمع المدتى "جاسوسة المخابرات" وقالت بصوت غطى على أصوات الآخرين "انت انت ياهذا احترم شعورنا كمسلمين ولا تقل انك" لائكى" في موريتانيا البلد المسلم ٫ لم اعرف لما تصرفت تلك السيدة بذلك المستوى من الإقصاء وهل ما تقول تلك السيدة يخدم الإسلام فعلا؟ لقد كان التسامح والسلام شعارنا كمسلمين قبل ان يؤول الوضع الى حملات تكفيرية تشن بطرق مختلفة من قبل مسلمين ضد مسلمين.٫
وهنا وبما اننا ديمقراطيون ولكل الحق في التعبير عن رأيه بقلمه أو بلسانه أدعو جميع المعتقدين في الديمراطية كحل ينصف الجميع بالدفاع عن انفسهم قبل ان تستخدم سياط واعظ او عصا سلطان بفتوى من أحدهم في كسر رقبته كما بودي ايضا لو قامت الدولة كواجب لها تجاه مواطنيها ببناء محاظر لتفسير ودعم الديمقراطية وعندها سيتقبلها أصحاب هذه المبادرات والبيانات الانشطارية والدعوات الشيطانية التى حولت بعض المساجد من دور للعبادة الى مقرات للدعاية التكفيرية و اللذين يغرقون الإعلام اليوم ويجرون البلاد عكس الخيار الذى اختارت.