ولد عبد الرحمن ولد الحافظ الملقب "بيداره" في مدينة تجكجه سنة 1942، وختم القرآن على يد أستاذه صدفي ولد حمادي في تجكجه ، وواصله مع ساليكي ولد سيديه في كيفه ، ودرس بعض المتون الفقهية على يد الفقيه حمود ولد متار.
كان القدوم الأول للشاب بيداره إلى مدينة كيفه في سنة 1961 ، فزاول تجارة خفيفة ، ثم بدأ يمارس مهنة الحلاقة ، قبل أن يغادر المدينة ويعود إليها مستقرا 1965 حتى اليوم أطال الله عمره.
في سنة 1963 حصل بيداره على آلة " توندز" اشتراها من سائف شاحنة مرت به ذات يوم ، بعد أن كان يعمل بمقصات بدائية ، وهو ما أتاح له نقلة في مجال عمله ، ويتذكر والدنا في ذات السنة أنه قبض أول مبلغ ذي قيمة شجعه كثيرا على الاستمرار تمثل في 100 أوقية ، دفعها له الخازن الجهوي يومئذ ولد آدب ولد خطاري .
ونظرا لكونه الحلاق الوحيد في المدينة الذي أخرج هذا الفن من عمل أهلي تقليدي خاص إلى حرفة عامة ، فقد كان الزبناء من كبار الشخصيات في المدينة من ولاة وحكام ورؤساء مصالح وتجار، حيث كان هؤلاء يدعون الحلاق الماهر إلى منازلهم أو مكاتبهم للقيام بالمهمة ، وما زال والدنا يحتفظ بأبرز الأسماء في فترة الستينات ، مثل سيدي محمد ولد الشيخ أحمد محمود ، خطري ولد دحود ، الساس ولد اكيك ، سيدي محمد ولد عبد الرحمن .
افتتح أول محل للحلاقة سنة 1967 بسوق الجديدة ، صار قبلة الراغبين فيها وتطورت الأسعار من 10 أواق ، ف 20 أوقية و ف 40 أوقية ، وكان الرجل لكرمه وقناعته يقوم بها مجانا للكثيرين ، وفي أحيان يشترط على زواره من الشباب إعراب كلمات أو إنشاد أبيات شعرية مقابل الحلاقة .
ومع ذلك فقد كانت الحرفة مدرة ، فمن ريعها اشترى بيداره قطعة أرضية في حي الجديدة وقطيعا من البقر في السبعينيات ، وعندما نجح في مسابقة المعلمين المساعدين فضل مهنته التي تدر عليه شهريا بأكثر من 40 ألف أوقية ، بدل 7 آلاف هي راتب المعلم المساعد آنذاك ، ولذات السبب تراجع عن الاكتتاب في الدرك عندما نجح في المسابقة .
ويقول السيد بيداره أن أول حلاق يظهر في المدينة إلى جانبه هو السيد محمد أحمد ولد الحداد الذي بدأ المهمة سنة 1967 ، تلاه ابتن ولد أعيمر في بداية السبعينيات .
وكالة كيفه للأنباء سألت الوالد حول ما إذا كان يتذكر موقفا محرجا أو حادثا خلال مسيرته الطويلة مع المهنة ، فأجاب أن الأمور سارت بطريقة عادية ، لاشيء فيها بقي لاصقا بالذاكرة ، ومع ذلك فإنه يحفظ ذلك التشنج الذي جرى بينه مع أحد الدركيين ، حين طلب حلق لحيته ، وهو الأمر الذي رفضه الحلاق وظل عليه حتى تقاعد عن المهنة سنة 2015 .
كان السيد بيداره يخلط هذه الحرفة بفن الخياطة ، ومن المفارقة أنه كان أول مشترك في مدينة كيفه في جريدة الوطن العربي الدولية ، حيث كانت تصله بانتظام عبر جمهورية السينغال في مقر حلاقته بكيفه ، فامتلأت رفوف المحل من نسخ هذه الجريدة ، التي اجتذبت إليه المهتمين بالشأن الثقافي، مما حول هذا المكان الضيق إلى فضاء للنقاشات والحوارات حول مختلف القضايا.
كان هذا الرجل الهادئ الوقور ملما بعلوم الدين واللغة والأدب ، ومولعا بالخوض في هذه المجالات ، عبر مناظرات تدور حول كرسي الحلاقة .
ينصح هذا الوالد شباب مدينته وبلده بنبذ الإتكالية والتكبر وبالعمل الحلال أينما وجد ومهما كان صنفه ، ففي ذلك صلاح العاجلة والآجلة.
وما زال أصدقاؤه و زبناؤه يحتفظون له بالإعجاب والتقدير ويثمنون ذلك الجهد ، الذي أصبح مادة تأريخية وعنوانا بارزا في ذاكرة وهوية هذه المدينة ، فيبادلونه الهدايا ورسائل المجاملة والمودة .
يعيش هذا الوالد الملتزم المتدين في عقده ال 8 ، وهو مع ذلك لا يريد أن يتوارى أو يتكاسل .
إنه يرفض أن يتكل أو يستسلم ، لذلك ما زال مصرا على البذل والعطاء ، وبمشاركة المجتمع ، فينحني بكل وقار على مخيطته للقيام بما يجب وسط سلع متناثرة قليلة.
يريد أن يلق الله ، وهو كادح كاد ، يعيش بالحلال ومن عرق الجبين ...
للاتصال من أجل تبادل الدعوات والتهاني نعطيكم رقم الوالد بيدارا: 46738715