لا يقبل التسويف.!
وكالة كيفة للأنباء

قد لا يمكننا تمجيد تاريخ الرئيس محمد ولد الغزواني السياسي، الذي ارتبط بالإجهاز على الحلم الديمقراطي قبل أن يستهلّ صارخاً، و لكنه رغم التحفظ على وصوله للسلطة بانتخابات لم تعدم أخطاءً و تجاوزات، فإنه لا يمكننا إلا أن نثمّن الإجراءات التي تم اتخاذها في المنصرم من فترة حكمه، و التي نستبشر بها بدايةً مطمئنة، رغم عسرها و تعثرها.

إن اعتبار المعارضة جزءً من الطيف السياسي، لا ينبغي تخوينه و شيطنته و الطعن في وطنيته، هو بداية لصهر جهود جميع أبناء الوطن في بوتقة النهوض بمستقبل البلاد: فقد تم استقبال رموز المعارضة و التشاور معها، و منحها حق التعبير عن خطابها السياسي في وسائل الإعلام الرسمية (رغم أن اشتراط مدير التلفزة الموريتانية على المحترم عبد الرحمن ولد ميني عدم التعرض لفترة ولد عبد العزيز مصادرة لحرية التعبير) كما تمت دعوتها لنشاطين وطنيين: مهرجان المدن القديمة، و فعاليات تخليد الاستقلال الوطني. و هي أمور تم تتويجها بالقرار الذي صدر قبل أمس بإشراكها في تسيير وكالة “تآزر”، التي هي مشروع طموح، من شأنه أن يقلص الفوارق بين الطبقات المتفاوتة.

و هكذا أيضا لا يمكننا غير الإشادة ببعض عمل الحكومة، على نحو محاربة تزوير الأودية، و تخفيض أسعار بعض المواد الأساسية، و نيل مواطنين موريتانيين حقوقهم في حيازة جوازات أسفارهم من بلدهم الذي هو مسقط رؤوسهم و مناط تمائمهم. كما لا يخفى أن خطاب ولد الغزواني في عيد الاستقلال الأخير زفّ للمواطنين الموريتانيين بشرى بميلاد عهد يشهد إنجازات، لا جعجعة من غير طحين، كنا ألفناها سنوات حكم ولد عبد العزيز العجفاء.

إن تثمين هذه البوادر الطيبة، التي نتمنى أن لا نستمطر منها جهاما أو نشيم خُلّباً، لا يعني غض الطرف عن قمع الطلاب و الاعتداء عليهم بالسحل و الضرب، و لا التنكيل بدائني الشيخ علي الرضا و التصامم عن معاناتهم، و لا تسويف عودة موريتانيين أبعدهم النظام السابق عن أوطانهم لأسباب سياسية. و لا ردّ الاعتبار لفاسدين، أكلوا من ثروات البلاد فلفّوا، و كرعوا في حياضها فاشتفوا.

.. من قُتاره يعرف طيب الطبيخ، و الحقيقة أن قُتار المرحلة الراهنة يختلط فيه نشر الأقحوان برائحة المراحيض العمومية، لأن أي شروع في “التغيير” و لو في ظل الاستقرار (تغيير الممارسات السابقة في الحكامة و التسيير) لن يكون له معنىً، ما لم يستعبد أمثال ولد اجاي و ولد عبد الفتاح و احميده ولد اباه من المسؤولية. كما لن يمنحه المواطنون ثقتهم ما لم يطلعوا بجلاء على كل خفايا الأمور و خباياها.

إن قيّم الديمقراطية تتنافى مع حجب المعلومة و الوصاية على الفكر.. فنحن شعب تجاوز الرشد الحضاري، فليس على ولد الغزواني أن يقرر ما عليه أن يطلعنا عليه من معلومات، و ما يجب عليه حجبه. نريد أن نعرف ماذا حدث خلال عشر سنوات من حكم ولد عبد العزيز؟.. و أن نطلّع على حقيقة الخلاف بينه و الرئيس غزواني، و أن نزوّد بكل تفاصيل استدارته الأخيرة.. فليحترم عقولنا من يحاول إقناعنا بأن التحويلات المفاجئة في “بازب”، قبل اثنتى عشرة ساعة من الاحتفالات المخلدة للاستقلال “إجراء روتيني”.

يملك ولد الغزواني مزيداً من الوقت لتحقيق التنمية، و ضمان شفافية و نزاهة تسيير الموارد، و لإرساء قانون نظام جمهوري تتمايز فيه السلطات، و للقضاء على ممارسة الاستعباد، و بسط رداء الحرية و المساواة بين شرائح المجتمع و أعراقه، و رأب الخلل في الدبلوماسية الموريتانية، غير أن اطلاع المواطنين على الحقائق، و حصولهم على المعلومات، أمرٌ لا يقبل التسويف.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2019-12-02 08:31:56
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article26620.html