قالت النائب كادجتا مالك جالو أثناء المؤتمر الصحفي الذي عُقد بمبادرة منها مع مجموعة من أطر حزب اتحاد قوى التقدم، إن هذا المؤتمر يدخل في إطار تحسيس الرأي العام والصحافة وكل من يهتمون بالوضع السياسي في البلد وخاصة لحزب اتحاد قوى التقدم، بخصوص الأزمة التي يمر بها الحزب.
وأضافت النائب كادجتا أن إجراءات طرد ضد كل من يوسف ولد محمد عيسى عضو المكتب التنفيذي، وإجراء تعليق لثلاثة أشهر ضد سيدن ولد محمد فيدرال نواكشوط الشمالية، وضدي شخصيا.
وقالت النائب “إن هذا الإجراء العشوائي وغير المسبوق في التاريخ السياسي للبلد، قد اعتمد في تبريره على المغالطة والبروباغندا التي سبقه فهو نتيجة، لذلك فالجمهور بحاجة لمعرفة أصل المشكل لهذا الحزب المهم”.
وعرجت النائب على الظروف الاستثنائية التي ينظم فيها المؤتمر، وكذلك استثنايغة هذه الإجراءات، مذكرة أنها سابقة في التاريخ السياسي الموريتاني، من خلال طرد وعقاب شخصيات وازنة بهذا الحجم.
قبل أن تضيف “أن هذا الحزب المعروف باستقراره ووضوح رؤيته وهو وريث الحركة الوطنية وهي بذرة الحياة السياسية الموريتانية الجادة يشهد أزمة داخلية حادة”.
تحدثت النائبة أيضا عما أسمته “انحرافات خطيرة داخلية منذ ست سنوات”، ولكن هذه الانحرافات تضيف -كادجتا- ولم تكن معروفة من طرف الجمهور، لأن الحزب له مستوى من الالتزام يطبع صفوف مناضليه.
وأشارت النائب إلى أن هناك خلافات تتعلق بخط الحزب، فمنذ تأسيسه 1998 قرر الحزب الخيار الديموقراطي، وصندوق الاقتراع، عكس ما كانت تتبناه الحركة الوطنية التي يعتبر الحزب وريثا لها.
لكن منذ ما يسمى الربيع العربي-أضافت- وتحديدا منذ 2011، برزت هذه الخلافات إذ هناك من قال إن موريتانيا لا يمكنها أن تشكل استثناء، وأيد ذلك قياديون وأحزاب في المعارضة؛ خاصة عبر خيار “دغاج أو الرحيل”، ولكن هناك من قال إن هذا الخط لا يتماشى مع استراتيجية الحزب، وأن موازين القوى تفرض توقيف هذا الأمر، ومع مرور الوقت شعرت المعارضة أن هذا الخط لا يمكنه أن يوصل الى نتيجة، “لقد كنا في الحزب مقتنعين بذلك، وبينما الآخرون تركوا هذا الخط بعد أن عرفوا أنه غير مثمر”.
وقد عرف الحزب بعدها انحرافا عن الخط التاريخي –تواصل النائب كلامها- وكانت هناك انتخابات 6.6 2009 التي حاول ولد عبد العزيز فرضها؛ فوقفنا ضدها وأحبطنا ذلك المخطط، و أتذكر حينها أن المكتب التنفيذي دخل في حوارات جادة وساخنة، بين من يتمسكون بالرحيل، ورأوا أنه يجب أن نقاطع الانتخابات، وبين عدد كبير من القيادات كان ضد هذه المقاطعة، وكذلك على مستوى الجماهير كان الرفض قاطعا، وقد مارست رئاسة الحزب ابتزازا سياسيا ضد القوى المناهضة للمقاطعة من خلال التهديد بالاستقالة، وهكذا ذهبت شعبية الحزب إلى أحزاب تواصل والاتحاد من أجل الجمهورية والتحالف الشعبي وغيرها من الأحزاب.
“وهكذا تم القضاء على منجزات الحزب، و فقدنا بلديات بوغي وباركيول ولعبلي وبلديات أخرى. وقد عبرت القيادة عن احتقارها للقواعد التي عارضت ذلك من خلال المقاطعة الفعلية ولطلب ممن يريد الترشح أن يترشح من أطر حزبية أخرى (حفاظا على مكانته السياسية) كما قيل يومها”.
اعتقدنا أنه مجرد خطأ سيتم تصحيحه، ولكن القيادة لم تعترف بخطئها وأنه خطأ مدمر، فتعمقت الأزمة على أصعدة منها:
2018 كان هناك انقسام في اللجنة الدائمة بعد تصريحات ولد مولود، وأصدر “الشباب” بيانا باسمهم، فقرر الرئيس أنه يجب معاقبتهم، ولكن التقاليد تفرض منطق النقد الذاتي وليس العقاب كما أصررنا على ذلك، وخضنا معركتنا لدعمه.
28 نوفمبر 2017 قرر قيادات في الحزب أن تذكر بمذبحة إينال، فقرر نائب الرئيس أن يقاطعوا هذه الفعالية، وكانوا في مقر الحزب بينما لم يهتموا بحضور أهل الضحايا والأرامل والأيتام، وهذا أيضا قرار خاطئ، ولكننا لم نقرر إلا النقد الذاتي. بعدها أصبحت هناك وساطات داخلية وخارجية، وقد توصلت إلى توحيد الحزب من جديد.
وأضافت النائب أن “سيادة منطق تصفية الحسابات لعب دوره في ترشيحات 2018 للنيابيات، وهناك من قال إن رفضنا محمد ولد مولود، ومطالبتنا بترشيح محمد المصطفى ولد بدرالدين هو لب المشكل وهذا غير دقيق.
وكانت هناك 6 أقسام وفيدرالي اقترحوا ولد بدر الدين، وهناك 3 أقسام وفدرالي واحد كان مع ترشيح ولد مولود، بينما قررت اللجنة الدائمة دون أي تشاور أن ولد مولود من سيترشح.
أما أثناء الانتخابات الرئاسية-تقول كادجتا- لم تتفق المعارضة على مرشح وقرر ولد مولود الترشح، وقد عارضنا ذلك وانقسمت اللجنة الدائمة حول الأمر، ثم اقترحت الأغلبية أن يترشح ولد مولود، وقد اعتبر هذا الاقتراح قرارا نهائيا وبدأت الحملة من خلال فرض الأمر الواضح، وفي هذه اللحظة لاحظنا أن إرادة تغييبنا واضحة، فقررنا أن نعبر عن رفضنا على العام وقلتُ ذلك للصحافة، وقلت إنه ترشح انتحاري، ورغم ذلك احتفظوا بترشيحه لكننا انصعنا لقرارات الحزب، وقد قام بتصميم برنامجه، وشكل كل فريق الانتخابي دون استشارتنا ونحن نتابع عبر الإعلام.
وبعد الكارثة الانتخابية لم يعترف ولد مولود بخطئه، بل هرب إلى الأمام قائلا إن نتيجة الحزب الانتخابية أعطاها النظام للحزب وليست نتيجة حقيقة، بوصفه المرشح الأقوى للمعارضة. رفضنا هذا الأمر وقلنا إن هناك برمجة لتصفية الحزب، ويكفي أن ينظر المرء إلى نتائج الحزب ليدرك ذلك”.
واصلت النائب كلامها قائلة: “نحن نعتقد أن رئاسة الحزب، قد دمرته وانحرفت به عن مبادئه، ونعتبرها لا تملك الشرعية لمعاقبة أي كان، وأن هذه مجرد مناورة وذر للرماد في العيون، من أجل جعلنا ننسى إخفاقات الحزب، ونحن لا نعترف بهذه العقوبات أبدا.
وقال عضو المكتب التنفيذي سيدن ولد محمد إن حزب اتحاد قوى التقدم قد نبذ خيار “العنف الثوري” منذ تأسيسه، وأن ذلك أصبح استراتيجية الحزب الثابتة، الذي تبنى خيار الديموقراطية والوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.
وأضاف ولد محمد أن الحزب هو وريث الحركة الوطنية وقد احتفظ بكل خياراتها السياسية ورؤيتها باستثناء “العنف الثوري”، مضيفا أن قيادة الحزب فاقدة للشرعية
كلام ولد محمد جاء في سياق حديثه عن أزمة الحزب والتي نتج عنها طرد وتجميد قيادات من ضمنها هو نفسه، وفي سياق حديثه عما أسماه بأخطاء رئيس الحزب، قائلا إنه اتخذ خطوات غير موفقة مثل دعمه ل”الرحيل” الذي كانت تنادي به بعض القوى السياسية أيام الربيع العربي، وكذلك مثل ترشح رئيس الحزب نفسه.
وفي سؤال لتقدمي حول الإجراءات القادمة التي سيتخذها الجناح قال القيادي الحسن سوماري “نحن مناضلون لنا خط نضالي وهو منذ 2013 في خطر، بسبب الرؤية عشوائية الطرح التي سادت، ونعتقد أن الرئاسة الحالية للحزب، لم تعترف بعد بالوضع الكارثي الذي تسببت فيه، لدرجة أن الحزب أصبح في ذيل القائمة، وما سنقوم به هو النضال على مستوى قاعدة الحزب. سوف نقاوم ونقاوم”.
في رد على سؤال ثان لتقدمي حول ما إذا كانت هناك قنوات اتصال بين الجناح ورئاسة الحزب، قالت النائب كادجتا مالك جالو “ليست هناك اتصالات، ولأن الرئاسة تريد إخفاء ما لا يمكن إخفاءه، وأن حزبا كان مهما وأساسيا في تاريخ السياسة في البلاد تم تدميره، ولا يمكن إخفاء ذلك”.
تقرير موقع تقدمي بتصرف