وزعت الناشطة الجمعوية، مكفوله بنت ابراهيم (رئيسة منظمة "موريتانيا خضراء وديمقراطية") مقالا تحت عنوان "إلى المرأة في موريتانيا، لنوقف الإقصاء"، جاء فيه أن النساء "اليوم أمام متغيرات جديدة، ليس فقط على الساحة الدولية، وإنما أيضا على الصعيد الوطني. ويبدو وسط هذه الحالة وكأن الكثير من نخبنا بات غير قادر على استشراف أحداث الغد".
ووجهت مكفوله كلامها إلى المرأة قائلة: "سيدتى، عليك أن تدركي أن أكبر معوقات التنمية في هذا البلد هي التقاليد والعادات، فقد ظلت الإرادة السياسية - وكما يجسدها الدستور- لا تفرق بين ذكر وأنثى في الحق الإنتخابي والترشح، ومع ذلك ما زالت العادات تتحكم في رقاب النساء كما ظلت التقاليد تكبلهن رغم توقيع العديد من الإتفاقيات الدولية ولبروتوكولات التي تناصرهن والتي ظلت حبرا على ورق دون تنفيذ لا لشيء سوى لأن شيخا ملتحيا يعارضها أو لأن عقلية اجتماعية وتقليدية لا تتقبلها". مضيفة: "لن يكون بمقدور هذا البلد التقدم دون مشاركة النساء بأكثر من مشاركة الرجال لما تمتلكه المرأة الموريتانية من خصائص ايجابية فضلا عن العدد، واعتبارها مخزونا انتخابيا يجب أن تستفيد منه هي قبل أن تمنحه للرجل الذي ظل يستخدمه ضدها على مر السنين.
إننا اليوم وبفضل الوحدة وتنامي الوعي مصرات على تحطيم تلك القيود وعلى تفتيت تلك التراكمات التي ظللنا حبيسات لها عشرات السنوات.
إنني متفائلة اليوم أكثر من أي وقت مضى لما رأيته من إصرار لدى مجموعات كبيرة من النساء الموريتانيات التقيتهن وأتمنى أن يظل ذلك الإصرار بانتزاع الحقوق متواصلا حتى نحقق التنمية المنشودة لمجتمعنا.
سيدتي، أود أن أثير انتباهك إلى ما ستتعرضين له من تشهير في هذا المجتمع التقليدي الذي ظلت عاداته سوطا يجلدك ويجلدنا حتى لا نبرح المكان، لكن حذار من أن يوقف قطارك أي صوت نشاز، ولتكن إرادتك فوق السماء وعزيمتك لا تلين؛ فنحن وإياك نحارب الغبن ونحارب منطق الذكورية الإقصائي.
إذا كانت المرأة اليوم جادة في الوصول إلى هدفها، فلتبدأ بالتمرد على عادات لا تنصفها وعلى تقاليد حجمت دورها، ولننتصر لأنفسنا ونصوت بكثافة لبعضنا.
لقد وجدنا أنفسنا أمام وضع يرفض فيه الرجل مساواتنا به في الحقوق والواجبات، وكان علينا القبول ب"الكوتا " كحل مرحلي يتعود فيه المجتمع ومشايخه على أن حضور المرأة في القرار واتخاذها له، بل وقيادتها للمجتمع ليس "بلاء" ولا هو من مسببات "امج لاخرة".
إن المجتمع ينظر إلينا كعادته باستخفاف في الرأي واستهانة في المشورة ، ولا يفرد لنا مساحات كبيرة في إعلامه الرسمي ولا مساحات صغيرة في منابره التقليدية، ولا يفكر في انتهاج سياسات تمييزية حقيقية لصالحنا، ويحشرنا في زوايا الطلاق وحق الزوج علينا والأعمال المنزلية وتربية الأطفال ووعاء للتقاليد والعادات غير المنصفة. ولا نجد من مثيلاتنا في الإعلام ذلك الوعي بخطورة ما نتعرض له، فهن أيضا ضحايا ولا يتحكمن في قرار المشرف أو المسئول، وفى اغلب الأحيان هن أيضا ضد أنفسهن، فقد ابتلعن طعم العادات والتقاليد التي يتوجب اجتماعيا تطبيقها بحذافرها علي المرأة فقط دون الرجل الذي يتم التسامح معه بشكل كبير . صديقاتي و أخواتى، لن تتأتى المشاركة المنشودة دون إصلاحات حقيقة تأخذ بعين الاعتبار قيمة المرأة ومردوديتها ومكانتها الاقتصادية إذا ما استغلت ، وهو ما يحتم علينا الوصول إلي المشاركة في سن القوانين والتشريعات التي تسمح بالتمكين للمرأة في مختلف مجالات الحياة خاصة المجال الاقتصادي الذي هو السبب الرئيسي في استقلال المرأة و تحررها من كثير من قيود التبعية الاجتماعية العمياء.
كما أن المشاركة السياسية للمرأة هي السبيل الوحيد الكفيل بتغيير الصورة النمطية السيئة لهافي العقل الاجتماعي، ولا تأتي هذه المشاركة إلا من خلال إدماج سياسة حقوقية فاعلة في المناهج التربوية والتوعية المستمرة من خلال الأنشطة الثقافية والحملات الإعلامية .
وعليه فإن أمامنا فرصة ذهبية يجب أن نستغلها ونفرض على الآخرين أنفسنا في توزيع المناصب بالمساواة بيننا والرجل في البيت وفى الحزب وفى المؤسسة، وأن نقبل جميع العروض التي تدعمنا في انتظار الحصول على المزيد الذي يضمن لنا التمثيل حسب نسبتنا في المجتمع التي تتجاوز %53".
المصدر : المدي