انطلقت الحملة الانتخابية للاستحقاقات الرئاسية هذه المرة مبكرا ،و أهلنا في كيفة يعاسرون شح المياه و حرارة المناخ و ترهل الخدمات الأساسية .. إنها عاصمة الولاية التي ينحدر منها مرشح السلطة او" مرشح راصو" .
غير أن حرارة المناخ و كآبة الأوضاع لم يمنعا سكان الولاية من التظاهر أو التمظهر مثل كل بني الوطن في مبادرات شعبوية يبدع مسيروها في صناعة أنماط جديدة من التملق و التزلف .
و لقد شكلت زوبعة هذه المبادرات المتجاوزة للحزب الحاكم اختبارا للفاعلين السياسيين و الناخبين الكبار الذين لم يفهموا القصد من صمت الحزب عن أمرها ، و إن كانت السلطة من وراء ذلك أصبحت على بينة تامة من حجم الكتل (القبائل) الداعمة للمترشح . و في ذلك الصمت مباركة ضمنية للقبلية المطلقة و تشجيع على الدعوة الجاهلية المقيتة .
في هذه الأيام يتخندق الجميع في كيفة وراء لافتات مموهة لا تحجب الواقع عن المتأمل . و سماسرة الشعب غافلون بل متغافلون الأوضاع المزرية التي تعيشها المدينة من عطش حاد و تعليم متردي و صحة معتلة و قمامات تتكدس في الشوارع و الأسواق تكدس المبادرات و الأحلاف و التيارات على مكتب الرئيس المنتظر !!
فليست الأحلاف السياسية إلا واجهة زركشت قليلا لتتدثر خلفها قبيلة معينة .. فهي لم تكن سوى واجهة سياسية بخلفية قبلية .
و من الغريب أن يكون عراب هذه الأحلاف هو ذلك المثقف الحاذق الذي تحول في غلطة أو لقطة إلى البطل الهمام و حامي الحمى الذي تتكسر رماح التغيير الشحيحة فوق دروعه المحصنة بفكر صلد ينظر للشرف و الوجود .
لقد ساهمت هذه المبادرات في تكريس القبلية بأبشع الصور ، فهي ليست إلا قبائل بأسماء مستعارة مثلها في ذلك جل أحزابنا الوطنية التي أضحت تتناقض مع
مبادئها و تتفنن في طرق اقتناص القبليين المغاضبين و السياسيين المارقين حديثا من بحبوحة السلطة و الموالاة .. اولئك الذين لايؤمنون بها فكرا و لا منهجا .
و مع أزمة الوعي في كيفة و أزمة التناقضات التي تسيطر على المشهد السياسي في البلد ، يغدو المواطن ضحية ينتظر تصويته على اختيار آكله من ذئاب غابتنا السياسية .
إن عدم احترام الأحزاب لمبادئها و نظمها يؤدي في النهاية إلى وجود إدارة غير مكترثة لمعاناة المواطن، و لا إلى تطلعاته و آماله لأنه - ببساطة- حين تغيب الثوابت ترتبك المعطيات و لا تتحقق الأهداف و عندها يسيرنا اللامقبول كفاءة باللامعقول منطقا ، فنتيه -كما كنا خلال عشر عجاف- مع التائهين في "بلاد السيبة" لا ندري اي مسلك يوصلنا إلى بر الأمان .
فالحذر الحذر من متاهات السياسيين و من سفسطة الرجعيين .
و اعلم أيها الناخب أن خطاب جل رجال السياسة حلو معسول و أداؤهم مر زقوم .
و أن الوطن يستجدينا ك
كي نحسن الاختيار لئلا ننجر وراء المغريات نحو المجهول مرة أخرى.
و علينا أن نعلم أنه لن تكون هناك تنمية ناجحة ما لم يكن هناك تشخيص حقيقي للواقع و تخطيط واضح يرسم أهدافا منطقيا قابلة للتحقق في المستقبل المنظور تنطلق من حاجيات المواطن في القرى و آدوابة بعيدا عن التوازنات القبلية و كرنفالات المبادرات الربحية و فلسفة أحزابنا السياسية النفعية .
الحسن محمد الشيخ .