إلى الله المشتكى …..عن مأساة نضوب بحيرة كنكوصه (تدوينة + صور )
وكالة كيفة للأنباء

وأخيراً جفَّت مدامع بحيرتنا وأصبحت قاعاً صفصفاً كأن لم تغن بالأمس، لقد أصبحت يباباً قفراً بعد أن سلونا بها سنين عديدة .. رحلت البحيرة تماماً كما رحل آباؤنا وأمَّهاتنا وكأنَّها أرادت أن تشعرنا بأنَّ الزمن بدأ يأكل كلَّ شيء من حولنا وبصمت.

***

إنَّ هذه البحيرة شاهدة على نصف قرن من تاريخ مقاطعتنا الجميلة .. وشاهدة على الكثير من القصص التراجيدية التي يحملها كلُّ مواطن (كنكوصي) بلغ الإدراك قبل مطلع الألفية (الثالثة).

***

لقد بلغ ولعنا بهذه البحرية حدَّ أننا أصبحنا نسبح فيها حتى في الليل البهيم ولا نلتفت إلى ما يشاع داخلها من تماسيح وشياطين… كم مرَّت تعرَّضنا للموت داخلها لكنَّ ولعنا بها أفقدنا الإحساس بذلك الخوف .. أحمل اليوم في جسدي ندوباً حدثت داخل تلك البحيرة وكأنَّها أرادت أن تذكِّرني أنَّها باقية في الوجدان ولا يمكن بحال أن تنمحي من الذاكرة. فقدت الكثير من أصدقاء الطفولة الذين توفوا غرقاً داخلها وسبَّبت أمراضا أخرى لآخرين عرفتهم عن قرب.

***

إذا رجعنا إلى تاريخ البحيرة نجد أنَّ الفرنسيين قاموا باستغلالها في نهاية القرن 19م، وقاموا بتشييد مباني أصبحت اليوم مراكز للدرك والحالة المدنية وحاكم المقاطعة .. وهي أماكن كانت للفرنسيين، وقد أحسنوا استغلال المنطقة، وذلك بإنشاء مزارع على ضفافها وأصبحت جنة لا تخطئ أعين الناظرين.

***

اليوم وبعد أن آلت الأمور إلينا تمَّ قتل البحيرة بموت صامت وطويل عبر تشييد بعض السدود في روافدها المائية، وقد نبَّه الخيِّرون السلطات الإدارية على خطورة هذه المشاريع على مستقبل البحيرة لكن لا حياة لمن تنادي. كان آخر المنادين الوجيه شغالي ولد فابو – رحمه الله – الذي حدَّثني عن ذلك. ومما زاد الأمور خطورة قيام الشركة المقاولة لطريق (كيفة – كنكوصة) بالإجهاز على آخر قطرة في البحيرة في الوقت الذي كانت مطالبة قانوناً بتشييد آبار ارتوازية من أجل أشغالها لكنَّها لم تلتفت إلى ذلك.

***

لقد جفَّت البحيرة وجفَّت معها آمال المطالبين بجسر على البحيرة .. وجفَّت الكثير من الآمال والأحلام وكأنَّ هناك من هو مصمَّم على سحق كلِّ شيء من تراثنا بقي شاهداً ولعقود على ماضينا الجميل.

المهدي ولد احمد طالب

الصور من صفحة المدون شيخنا محمد صمب

كنكوصه اليوم


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2019-07-05 16:00:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article24732.html