رغم أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز يفكر بطرق غريبة ولا يشرك أحدا في عالمه الباطني حتى أثناء تحضير انقلاباته كان متسما بالانطوائية لدرجة أنه انقلب على رئيس منتخب ضحوة واحتجزه قبل أن يبلغ أحدا ممن ظهروا في لوحة المشهد لاحقا... ورغم أنه قليل الإفصاح لا يكاد يبين عما يجول في خاطره من اشياء غير قابلة للتصنيف في أحيان كثيرة رغم كل ذلك فإن العارفين "بخفايا عقله" يقدمون قراءة ليست وردية لتقاسيم المرحلة المقبلة كما يطبخها عزيز على نار نقاهته وحبه للسلطة.
فبالنسبة لهم ستكون الخطوة الأولى متمثلة في إعلان تاريخ الانتخابات في شهر يناير 2013 وتنظيمها في شهر يوليو 2013، وخلال هذه الفترة ستستمر محاولات تفتيت منسقية المعارضة ويتصاعد استهداف تواصل والتكتل ترغيبا وترهيبا، ويتوقع عزيز أن تعطي الانتخابات بفعل الدوائر ذات النسبية تمثيلا برلمانيا لعدد كبير من الأحزاب الصغيرة يعد ولد عبد العزيز من خلاله لتشكيل ما يسميه "أغلبية موسعة" يستعين بها على استكمال مأموريته... ومباشرة بعد الانتخابات يصار إلى تشكيل حكومة تضم توليفة الأغلبية الجديدة لا يقودها ولد محمد الأغظف الذي قد يحال لرئاسة حزب الحاكم...
كذلك توقع العارفون أن تشهد المرحلة القادمة "إزاحة ناعمة" للجنرالات غزواني والهادي ومكت والزناكي 1 والزناكي 2 ومسقارو إلى وظائف سامية لا صلة لها بالمؤسسات الأمنية والعسكرية مع استمرار صعود جيل من الضباط المقربين من أمثال مدير الجمارك والعقيد لحريطاني والعقيد المتقاعد مستشار وزير الصيد وآخرين.
وبالنسبة لرجال الأعمال توقعت المصادر أن يكون أحمد سالك ولد أبوه ومحمد عبد الله ولد اياه وولد غده رجال المرحلة القادمة على أن يظل ولد انويكظ وولد تاج الدين يحومان حول الحمى صعودا وهبوطا.
وبالنسبة لتسيير الشأن الاقتصادي لا يتوقع أي تغيير، فالمركزة المفرطة ستستمر وولد عبد العزيز سيظل الآمر بالصرف المتحكم في الصفقات المسلط لمأموريات التفتيش والرقابة بصورة انتقائية انتقامية.
وذكر هؤلاء العارفون أن ولد عبد العزيز لا يعول على الحزب الحاكم في تحقيق أهدافه السياسية بل يعول على مجموعات من فلول النظام السابق عينها في مجالس الإدارة بعيدة عن الأضواء ويسر لها ما تحتاجه من وسائل لتكون عدته في تحقيق مأمورية ثانية يطمح لتحقيقها، كما يعول على سلط تنظيم أنتجها دون مبرر، وعلى شركات أمنية باستطاعته دائما تحويلها الى مليشيات أمنية توفر اسنادا للحرس الرئاسي وتستخدم في مهام غير مصنفة. وبالنسبة لصحة الرئيس توقعت المصادر أن يستمر التكتم وتستمر سفريات الرئيس العلاجية ولا تقتصر على فرنسا لمدة سنة على أقل تقدير.
وبالنسبة لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة لن تتغير الوصفة قمع، ودعاية، ويايبوي، وإنجازات تدشن مراحلها لمرات عديدة، وشعارات ترفع من حين لآخر لمحاربة الفساد رغم استشرائه.
أما الجانب الأمني فتوقعت المصادر ان يكون أكبر التحديات التي تواجه ولد عبد العزيز على المدى المتوسط، ففي شمال مالي يتجمع عشرات المسلحين الإسلاميين الموريتانيين الرافعين شعار الجهاد والتغيير والذين يشكلون خطرا متناميا على استقرار موريتانيا اندلعت حرب ازواد أو لم تندلع.
باختصار لا جديد تحت شمس الجنرال محمد ولد عبد العزيز ولا أفق لتجاوز الانسداد السياسي ولا خيارات أخرى واضحة لتحسين أوضاع السكان، الثابت أن الرئيس أخذ السلطة ويحاول التشبث بها ما وسعه ذلك وبأي ثمن، فهل يستطيع الاستمرار في ممارسة حبه الأعمى للسلطة دون مقابل أو دون أن يدفع الثمن؟
خبوزي ولد سلامي / للرئاي المستنير