السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
سيدي رئيس الجمهورية؛ بعدالتحية والإكبار والتقدير وتمنياتي لكم كل خير؛
يشرفني أن أكتب إليكم، وإلى السيد الوزير الأول والسادة أعضاء الحكومة رسالتي هذه في هذا الفضاء المفتوح معبرا عن رأي شخصي، من مواطن مهموم بشأن وطنه؛ و يشاطرني في هذا الرأي الكثيرون.
سيدي رئيس الجمهورية، إذا كنتم اجتهدتم وأحسنتم في اختيار خليفة لكم لتولي منصب الرئيس ومواصلة مسيرة البناء وكان ذلك الاختيار على أساسٍ من مراعاة الأمانة وتغليب المصلحة العامة للبلد بتقديم من يجمع العديد من الخصائص والمؤهلات المطلوبة لهذه المهمة؛ كما كنتم تحسنون انتقاء أصحاب الكفاءات لتولي منصب الوزير الأول، وتكليفهم بتشكيل الحكومات.
إلا أن هذه المعيارية والموضوعية -للأسف الشديد- نفتقدها -غالبا- في التعيينات، والتحويلات، والترقيات، والمكافآت، والإقالات، والعقوبات.. التي يقترحها ويقوم بها السادة الوزراء، ورؤساء ومديرو ومسيرو المؤسسات والإدارات والمصالح المختلفة مركزيا وجهويا.
سيدي الرئيس لقد بات معلوما وشائعا لدى كل الناس أن التعيين، والتكريم، والتوشيح، والتحويل للأماكن المرغوبة، والتفريغ(التسييب) على الأصح .. أمور يحظى بها من كان له مقربون أو معارف أو أصدقاء من النافذين أومن يدعم جناحا معينا محسوب على فلان أو فلان من أصحاب النفوذ، وليكن وزيرا أو ضابطا كبيرا أو نائبا أو رئيس حزب أو رجل أعمال أو أو ...
وأصبح ذلك طريق أوحد لهذه الغاية بغض النظر عن كفاءة الموظف أو أمانته ونزاهته أوتفانيه في العمل أو تميز أدائه أو الحاجة إليه في ذلك المكان أواختصاصه أو عدمه...
فطغت المحسوبية أو الزبونية أو المحاباة أو الواسطة على حساب المعيارية والموضوعية و الكفاءة والاختصاص والحاجة والتوازنات..
فصار يعين الموظف الصغير، الحديث، المفتقد للخبرة والتجربة والتكوين ليشرف على إدارة مؤسسة كبيييرة تضم موظفين كبارا، كفاءاتهم عالية، وخبراتهم متجذرة، وتجاربهم غنية؛
وصار يعين غير المختص مع وجود أصحاب الاختصاص الأكفاء المؤتمنين؛
وصار الموظف يحول إلى حيث لاحاجة فيه من مكان هو في أمس الحاجة إليه، وغدت التحويلات تمثل تهجيرا للموظفين من المؤسسات وأماكن العمل النائية إلى مؤسسات العاصمة ومراكز المدن الكبيرة وهو ما نتج عنه:
١- تكدس الموظفين، إلى حد الاختناق، في العاصمة وعواصم الولايات. دون الحاجة إلى غالبيتهم. وليكن ذلك هدرا للطاقات والموارد البشرية والمالية، أو غيره.. لايهم!
٢- غلق أو تجميد أو شلل في كثير من المؤسسات في الأماكن النائية وحرمان سكانها من الخدمات -التعليم مثلا-. وليكن ذلك سوء إدارة أو تسيير الأشخاص، أو عجز عنها، أو إهمال أو لا مبالاة؛ لا يهم!
"المهم الاستجابة لرغبة فلان أو علان النافذ"
سيدي الرئيس
لقد بات العديد من إداراتنا في حالة ركود وإفلاس، عاجزة عن الرقي والتطوير في الأداء وتحسين المردود؛ بل عاجزة عن تلافي التردي المستمر وعن الحفاظ عل نفس المستوى. فهي:
عاجزة عن التقييم والتشخيص واكتشاف مكامن الخلل والقصور والنواقص والثغرات
عاجزة عن تقديم العلاجات والبدائل والحلول
عاجزة عن تصور تخطيط معقلن وعن تنفيذ ناجح
عاجزة عن المتابعة والمراقبة والتوجيه
عاجزة عن الاستقراء والحوصلة الهادفة ودراسة وتحليل النتائج..
عاجزة عن رسم أهداف موضوعية محددة والوصول إليها..
سيدي الرئيس
مرد كل ذلك إلى انتشار المحسوبية والزبونية حتى صارت التعيينات والمناصب سلعة قذرة يتنافس عليها وبها تجار الضمائر والكرامة والأخلاق والمصلحة العامة. عروضهم ووسائلهم فيها كل شيء إلا الكفاءة والمؤهلات والضمير والوازع الأخلاقي والوطني والديني. وهمهم الوحيد هو الطموحات الشخصية الضيقة وليكن بعد ذلك مايكون.
سيدي الرئيس
سيدي الوزير الأول
سيدتي الوزيرة؛ السادة الوزراء
إن وضعا كهذا ليستحيل معه تصور إصلاح أو نهوض التعليم أو أي قطاع آخر.
وإننا لنرجو منكم سيدي الرئيس
الوصاة بالابتعاد عن المحسوبية والزبونية واعتماد الكفاءة والأهلية والاستحقاق والتسيير الشفاف والمعقلن للموارد البشرية، تماما كما الموارد المالية، في كل شيء وفي التعليم خاصة، والذي أوصيتم به وأكدتم عليه سابقا في مهرجان الوحدة الوطنية ونبذ خطاب الكراهية.
وإن من أنجع أسباب ووسائل تكريس الوحدة الوطنية ونبذ خطاب الكراهية التسبير الشفاف والمعقلن للموارد البشرية، كما المالية المعتمد على الكفاءة والأهلية؛ لا المحسوبية والزبونية.
كما نرجو الانتباه لذلك والاهتمام به من طرف السيد الوزير الأول والسادة الوزراء وخاصة وزيرة التهذيب الوطني والتكوين المهني في بداية مشوارها على رأس القطاع لتتدارك ما فرط فيه سابقوها؛
وأن يكون هذا الأمر على رأس أولويات واهتمامات الرئيس المقبل والتشكلة الحكومية في حقبته.
حتى يتم تجريم المحسوبية وسن قوانين صارمة وحازمة في هذا الشأن.
وحتى يتم وضع معايير محددة تأخذ في الحسبان المؤهلات والكفاءة للتعيين في المناصب الإدارية؛ وأخرى لضبط وتنظيم تحويلات الموظفين وترقياتهم..
والله المستعان،
أحمد عبد القادر(مفتش تعليم أساسي)