نعم كلنا ضد التطرف و العنصرية و التفرقة و خطاب الكراهية , فلو كنت من هذه المكونات, و لك اخوة منهم , فهل هذا يبرر ظلمك لهم ؟ و إذا وقع فهل تتوقع منهم أن يقبلوك على ظلمك أو يضعوا لك التاج في جيدك ؟ و أيكم هنا يبذر الكراهية و العنصرية ؟ و لماذا لا تؤثرهم عليك فيما ترى بأنك أحق منهم (كفاءة – مؤهلات – تفاني ...) حتى لا ينزغ الشيطان بينكم ,وما بالك إن كان أخوك هو الأحق فأيكم يذكي الكراهية و العنصرية و التفرقة ؟ أم أنك – سيدي المدير الجهوي – لا تعلم أن الإدارة الجهوية للتعليم بلعصابة لا يوجد بها أي شخص من السود(لحراطين و الزنوج ) و إن كان بعضهم تقدم بأوراق و البعض الآخر لم يخفي رغبته في العمل فيها مع كفاءتهم ومؤهلاتهم ... وقد شغرت ثلاث أو أربع مناصب , وكانت واحدة من نصيبكم (تهنئة) ويقول المثل :(من زرع ريحا سيحصد اعصارا) -لا قدر الله - فحال لحراطين يكفي عن سؤالهم , اتركوهم وحالهم كفى شيطنة و تخوينا فهم لا يخونون ولا يغدرون ولا ينافقون .
فلو اعتبرنا أن مجموع الوزراء - من مكونة لحراطين بل أضف إليها كل السود في البلد – و الجنرالات والعقداء و مديري الشرطة و المدعون العامون و والولاة و المديرون الجهويون للتعليم و الصحة و رجال الأعمال ...... يشكلون خمسين في المائة زائد واحد , لكان يمكن أن يكون هناك معنى لهذه الحملة المسعورة و المشيطنة لمكونة لحراطين – وإن حاول البعض التضليل – التي صنعت مجد هذه الأمة في الماضي البعيد و القريب و الحاضر , وهي تتجرع و تتنفس الغبن و التهميش و الحرمان و عدم المساواة , و لكنها تتعفف عن ذكر ذلك و يتجاهلها من أورثها هذه الوضعية – و نحن بلد مسلم كله –وهذا كله حفاظا على الوحدة الوطنية ....,و نبذا للكراهية , و هم يعضون بنواجذهم على مفاهيم الاستقرار من صدق دينهم و اخلاصهم لبارئهم , فإذا بهم يطعنون من الخلف باستغلالهم تارة , وشرذمتهم و شيطنتهم تارة أخرى .
و لو كانوا يمثلون و يشغلون الدوائر بالنسبة التي ذكرت أو حتى ثلاثين بالمئة لكنا أحوج إلى غير هذا ما يمكن أن يطلق عليه احراطين فوبيا , و كان حريا بنا أن تكون مخصصات هذه المسيرة موجهة لمسح جبين هؤلاء المحرومين , كبادرة حسن نية , و دعوة لنبذ العنصرية و الدونية تجاه السود عامة , ولحراطين خاصة .
و إن كان السود عامة - و هم أغلبية – و لحراطين خاصة يمثلون النسبة الآنفة الذكر من المناصب و رجال الأعمال , فلماذا و نحن المجتمع المسلم كله لا تكون لنا في رسل الله , وصحابة محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة , فقصة يوسف عليه الصلاة والسلام و إخوته – وهي متحققة – ليست منا ببعيد , وعلينا نحن أن نأخذ منها العبرة ... عندما بغوا عليه , و كادوا يقتلونه (الرمي في البئر) و حتى في اللحظات الأخيرة و عدم معرفتهم إياه قال الله حكاية : ((... إن يسرق فقد سرق أخ له من قبله ....)) .... وبعد مجيء أبويه و إخوته و تمكنه منهم لم يحاسبهم على ذلك , و حتى لم يذكر فعلهم قال تعالى حكاية عن يوسف : ((... يأبت هذا تأويل رءيى من قبل قد جعلها ربي حقا ..... وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني و بين إخوتي )) و يوسف هو المظلوم و يقدر على ظلمته , فكان هذا التعبير الجميل , أما لحراطين فهم مظلومون و تحاك لهم المؤامرات , و قصة الرسول صلى الله عليه و سلم مع من؟ اليهودي الذي جذبه بردائه حتى أثر فيه مطالبا بدين له , فاستل عمر سيفه قائلا :يا عدو الله ! كيف تفعل هذا برسول الله ؟ وكاد يقتله , فقال رسول الله ((ياعمر نحن أحوج إلى غير هذا , أن تأمرني بحسن الأداء و أن تأمره بحسن القضاء , اذهب به و اعطه حقه و زده صاعا أو صاعين أو ماشاء روايات)) ما أعدله ! و قصة عمر مع النصيحة حيث قال : (لا خير فيكم إن لم تقولوها , و لا خير فينا إن لم نسمعها ) فعلى البطانة و القرناء في كل زمان ومكان أن يقولوها أي النصيحة و أن يتركوا الافساد و التحريش ...
فعلى رئيس الجمهورية و القائمين على الشأن العام والداعين للمسيرة بحسن أداء حقوق لحراطين و المظلومين , و يأمروا بها و تمييزهم تمييزا ايجابيا (كوتا) - و إذا لم يحدث – فكيف تتصورون مكونة تحل لأنفسها الاستئثار بالمناصب وتهنأ بكل مريح... و تحرم على الآخرين التعبير عن حرمانهم .
فبالمساواة في الالتحاق بالوظائف و الترقيات والامتيازات ...و العدالة والعدالة فقط القضاء على الكراهية أو خيالها أو كوابيسها و العنصرية قال تعالى : ((إن الله يأمر بالعدل و الاحسان ...))
ذ/عبد الرحمن المصطفى 07- 01- 2019
.